خدمة ضيوف الرحمن.. شرف عظيم
تزهو مكة المكرمة – زادها الله رفعة وبهاءً وتشريفا – وتزدهر هذه الأيام بوصول وفود الرحمن لأداء مناسك الحج، كما يسعد أهلها باستقبال قاصدي بيت الله العتيق، ومشاعره المقدسة، ويتفانى سكان البقاع المقدسة في خدمة الحجيج، وتسهيل أمورهم، وقضاء حوائجهم حتى يؤدوا النسك وهم في أحسن حال وبكل راحة وطمأنينة.
وهذا ينطبق على طيبة الطيبة - زادها الله نوراً وبهاءً - بوجود ساكنها صاحب الخلق العظيم – صلى الله عليه وسلم – ومسجده الشريف، فهي أيضا تسعد وتسمو بزائريها، وتستقبل ضيوف رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، والقادمين للتشرف بالسلام على سيد الأولين والآخرين، وحبيب رب العالمين، وليصلّوا في مسجده الشريف، الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، كما أخبر بذلك الصادق الصدوق.
فهاتان المدينتان المقدستان تضجان بالحركة والنشاط المفعمين بروح الإيمان وحبّ التقرب إلى الله، لخدمة ضيوفه، وزوار أراضيه المقدسة، الذين لبّوا النداء وأتوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، وليكملوا الركن الخامس من أركان الإسلام وهم في غاية السرور بأن الله أنعم عليهم ببلوغ هذه الأراضي المباركة.
وخلف هؤلاء الرجال المخلصين، والنساء المخلصات، حكومة راشدة تبذل الغالي والنفيس، وتسخّر كل طاقاتها وإمكاناتها، ورجالها العاملين لخدمة ضيوف الرحمن، والعناية بهم، حتى انقضاء مناسكهم والعودة إلى ديارهم سالمين غانمين.
والذي أود أن أشير إليه – وهذا يتكرر في كل عام – هو الإعلان والبحث عن سائقين لقيادة الباصات المشاركة في الحج، وأحيانا استقطاب سائقين من خارج المملكة لتغطية هذا العجز، والذي نقترحه لماذا لا يكون الاستقطاب فقط من داخل المملكة نفسها؟ ويوجه للسعوديين الماهرين في فن القيادة ( وما أكثرهم)، ولو أُعطيت الفرصة لشباب مكة وحدها لتولي المهمة لكفوهم مؤونة البحث، فأهل مكة أدرى بشعابها، وعلى درجة عالية في فن القيادة، خاصة في موسم الحج المقرون بشدة الزحام، ولا يضير القائمين على البحث عن السائقين الجيدين استقطابُ الكفاءات الجيدة من السائقين من بقية مناطق المملكة للمشاركة في هذه الشعيرة العظيمة، وأداء مهمة إنسانية يفخر بها الجميع، كما نأمل بان تكون هناك قاعدة بيانات تضم جميع أسماء السائقين المشاركين في الحج للاستفادة منها في السنوات القادمة، واستدعاء الجيدين منهم عند الحاجة، بحيث تكون بياناتهم شاملة، وتحوي كل ما له علاقة بالسائق، وتقييم جودة الأداء خلال مشاركته في الحج،
وفي مقابل هذه الخدمة الأساسية يقدم لشاغليها مكافآت مجزية عند انتهاء موسم الحج، وبذلك يمكن الاستفادة من هؤلاء السائقين من قبل المؤسسات المستقبلة للحجاج حيث يتطلب الأمر توفير أعداد كافية من السائقين لأداء المهمات الخاصة بالحجيج. كما نأمل من وزارة الحج التنسيق مع مرور مكة المكرمة بإعطاء جميع السائقين المشاركين في الحج، دورات ميدانية للتعرف على جميع الطرقات، وحركة السير، واتجاهات الخطوط، والمخطط العام للمشاعر، قبل فترة الحج بمدة كافية، لكي يتعرف السائق إلى أين يتجه، وكيف يصل للنقطة أو المخيم الذي يريد، دون عملية الإرباك والفوضى التي تحدث كل عام لجهل السائقين بطرقات المشاعر المقدسة، واتجاهات خطوطها، وكما ذكرت أنفا، إيكال مهمة النقل لشباب مكة ورجالاتها البارعين في سياقة السيارات (الباصات )، والمتفانين في خدمة ضيوف الرحمن والحريصين جدا على نجاح موسم حج كل عام سوف ينجز المهمة على أكمل وجه، وفعلا قد أثبتوا وحققوا نجاحات بارزة في الرحلات الترددية من المشاعر المقدسة للمسجد الحرام، سياقة، وإدارة، وتفانيا في العمل بشكل يشكرون عليه.
أمل ورجاء في أن يحظى سائقو الحافلات الصغيرة المتهالكة التي تجوب شوارع مكة بحثا عن الرزق بنقل المواطنين والمقيمين والزائرين والحجيج، أن يحظى أمثال هؤلاء برعاية بنك التسليف، بحيث يقدم لهم سلفة لشراء (كوسترات) جديدة تساعدهم في مزاولة أعمالهم وكسب أرزاقهم بشكل حضاري وأنيق يليق بأم القرى دون أن يتعرض لهم المرور ويحجز سياراتهم.
وأخيرا جزى الله خيرا حكومة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله - وكل من يساهم ويشارك في خدمة ضيوف الرحمن سواء في استقبالات المطارات، أو الموانئ، أو المنافذ البرية، ولكل من يسهل أمور الحجيج، ويسهر على أمنهم وراحتهم. ووفق الله العاملين المخلصين لما يحب ويرضى.
المدينة 1433/11/28هـ