كانت العبارة المكية الدارجة في مواسم الحج هي « حج وبيع سبح» تعبيراً عن الذين يقصدون الحج من أبناء مكة ومعهم بضاعتهم من السبح التي ينفقون العام في تجهيزها لبيعها في موسم الحج عندما كان الحج هو الموسم السنوي الذي يدر دخلاً مُرضياً للجميع حتى الذي يبيع السبح فإذا لم يتمكن من بيع كل الكمية التي أنفق العام في تجهيزها يذهب بها إلى منى بعد أن يقف في عرفات حاجاً ثم يسوقها في منى حيث يسير الحجاج جماعات في طريق رمي الجمرات فيسهل عليهم انتقاء ما يناسب أذواقهم وقدراتهم المادية لتكون هداياهم الأثيرة لأهلهم وأحبتهم عند عودتهم إلى أوطانهم.

يبدو أن تلك العبارة لم تعد تنطبق على واقع الحال بقدر استخدامها كمثل يضرب لمن يتخذ من أي مهمة منفذاً للربح أو التجارة، وربما استدعت مقتضيات الواقع مجالاً آخر يعيد لعبارة «حج وبيع سبح» تداولها كعبارة موسمية تنطبق على العاملات الهاربات والمتخلفات اللاتي أصبح لهن سوق رائج سواء في مطابخ المطوفين وبعض الفنادق الكبرى في مكة المكرمة أوفي الهواء الطلق في الحدائق العامة والشوارع الخلفية.

حدثتني صديقتي مع بداية وصول الحجيج إلى مكة تشكو لي هروب عاملاتها اللاتي صرفت عليهن مبالغ لم تذكرها لي ربما خوفاً من الحسد لكن الحسبة معروفة لمن جرّب نار الاستقدام فلا داعي لاحراج صديقتي لأن الخبر المهم ليس الهروب ولكن سبب الهروب أو السبب الذي يدفع بالعاملات الآسيويات إلى الهروب قبل شهر الحج أو التحجج بحجج مختلفة إن أردن الحفاظ على حبل الود موصولا مع الأسر التي يعملن لديها .

قالت: الطبيخ!
تذكرت شكوى الصديقات وكثير من الأسر في موسم رمضان من ازدياد هروب العاملات أو أخذ إجازة طويلة لأن بعض الأسر تحتاج إلى من يعينها في مطبخ رمضان وهي على استعداد لدفع الراتب مضاعفا لمن تقبل العمل شهراً واحداً فقط.

في موسم الحج العمل إما بأجر كبير في مطابخ المطوفين خصوصا للحجاج الآسيويين، أو في مجموعات صغيرة للقيام بمهام الطبخ والتعبئة في أكياس بلاستيكية والبيع بأسعار في متناول الحاج اللي على قد حاله.

مسكينة صديقتي تعاني من مشكلة أخرى؛ الحديقة التي أمام بيتها تحولت إلى مطبخ مفتوح تستخدمه الأفريقيات خاصة لبيع السندوتشات للحجاج وكل عدتهن، موقد غازي صغير، وطاوة تيفال، وطبق بيض، وبقية مواد الوجبة السريعة!
الحديقة كما تقول صديقتي، كانت متنفساً لسكان الحي وصغاره ثم تحولت إلى مطبخ كبير مفتوح يضج بالروائح والمخلفات.

سألت صديقتي: أين البلدية؟
أين الجهات المعنية بالحجيج والتخلف والتسلل والتسول؟
اقتراح قد يفيد فى استيعاب عشرة ملايين حاج :
من مداخلة المهندس مصطفى على مقالة الأسبوع الماضي الأربعاء 24/ 10 /2012م أورد النقاط التالية اختصارا:
1-تتركز المشكلة الحالية نتيجة زيادة الأعداد فى نسك الطواف حول الكعبة المشرفة والتى من المتوقع زيادة الأعداد أكثر فى الأعوام القادمة بإذن الله.
2- إنشاء مبنى مستقل للطواف من خارج محيط المسجد الحرام على أن يكون بمستوى أعلى من مستوى الدور العلوى للمسعى حتى لا يحجب المنظر الخارجى لواجهة الحرم ويتم عمله وإنشاؤه فوق جسر علوى يسع لخط أو أثنين لقطار كهربائى (مترو) يمر عبر نفق فوق هذا الجسر المحمول على أعمدة ضخمة وعالية.

3- يتم تشغيله بنظام تحكم إلكترونى مطور منعا للمشاكل وسرعة إنجاز الطواف فى أقل وقت ممكن ... ويتم الصعود إليه والنزول منه عبر سلالم متحركة وأسنسيرات تبدأ من الدور الأرضى من الساحات الخارجية للحرم أو من فوق سطح الحرم أو من فوق سطح المسعى العلوى ... علما بأن المترو يستطيع الدوران حول محيط المسجد الحرام من الخارج الذى قد يصل طوله فى حدود من ثلاثة إلى أربعة كيلو مترات فى دقائق محدودة وبحسبة بسيطة يستطيع عدد من القطارات المتلاحقة والتى تتحرك فى اتجاه واحد وهو اتجاه الطواف من حمل أكثر من مليونين من الحجاج والمعتمرين الطائفين حول الكعبة المشرفة فى اليوم الواحد دون مشقة ولا زحام وسرعة إنجاز فائقة.
4- عمل إنشاءات سكنية من عدة طوابق فى محيط وداخل منطقة منى كتوسع رأسي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج.

5-تصمم هذه التجمعات السكنية بعمل بدروم أسفل كل عمارة لتجميع النفايات من جميع الأدوار عن طريق أنابيب ثم يتم سحبها من البدروم عن طريق سيور متحركة إلى خارج منطقة منى للتخلص منها ونقلها بالسيارات المخصصة لذلك إلى أماكن بعيدة.

المدينة 1433/12/15هـ