مضايقُ الشعر حمزة شحاتة والنظرية الشعرية «2-1»
لست أدري أأكتب عن حمزة شحاتة الضليع بما خلفه من شعر رائع، ونثر بديع، وحكم كأنها الدر المنثور؟!
أم أكتب عن المؤلف حسين محمد بافقيه الذي قدم للمكتبة العربية دراسة تتميز بالعمق في التفكير، والبلاغة في التعبير، والجمال في التنوير؟!
قرأت الكتاب الذي كتب بأسلوب نم عن عمق ثقافة المؤلف الذي أراد أن يجسد براعة العملاق حمزة شحاتة الذي لم يضارعه أحد من رصفائه، فإذا بالمؤلف يتفوق على أبناء جيله بما كتب من بليغ المعرفة وبديع التعبير.
وإذا كنت قد شهدت مجلساً عام 1381هـ بمنزل الأستاذ عزيز ضياء حضره جمع من الرواد بمناسبة قدوم الأستاذ حمزة شحاتة من مصر لقضاء لزوم ما لا يلزم -على حد تعبيره- فاستضافه تلك الليلة الأستاذ عزيز ليستمع الحضور إلى الأستاذ شحاتة الذي امتد حديثه لثلاث ساعات وهو يبرهن على أن الحضارة هي فيما تستخدمه من المخترعات الحديثة من طائرات وسيارات ومكيفات وخلافه. أما المدنية فهي في العلم والثقافة والأخلاق الفاضلة.
ثلاث ساعات والحضور من الرواد حالهم حال التلاميذ مع أستاذ يحاضر فيما يجهلون إذ لم ينبس أحد منهم ببنت شفة!!
هذا العملاق قدمه الأستاذ حسين محمد با فقيه الذي بزَّ أقرانه ببديع أسلوبه ورائع التعبير في كتابه «حمزة شحاتة والنظرية الشعرية» بسطور تقول:
أدب حمزة شحاتة اجتمعت فيه معاني الجلال ويروعك في أدبه، وفي شعره خاصة، لغة ارتفعت عن أسر المألوف، وتدثرت برداء عربية عسرة، تبهرك بروعة المتنبي وتفلسف المعري، وكأنه أراد أن يكون شاعراً حكيماً، يوسع العالم تفتيشاً وفحصاً، فخلص شعره، أو كاد، لنظرات ندعوها فلسفة، ونقرأها حكمة، لكنها، في كل حالاتها، شعر جبار، إن لم يفتنك بجماله، فسيروعك بجلاله، والجلال والجمال كلاهما من نبعة واحدة.
وشعر شحاتة لا يفتح لك مغاليقه إن قصدته تطرية أو تحلية، إنه شعر يعيي قارئه ويوئسه منه، لكنه، إن مازجته، قريب حبيب، طاغ بتجريده وفلسفته، يحملك على التفكير، ويبدل من حال قارئه غير الذي كان عليه.
وإلى الغد لنقرأ حمزة شحاتة في بعض سطور نقلها الأستاذ بافقيه.
عكاظ 1434/2/17هـ