مشاهد مكية
القرب من مكة ومشاهدة بيت الله الحرام يبعث في النفس الطمأنينة والسكينة وهو مصداقا لكتاب الله الكريم كلما رأى وشاهد المرء بيت الله الحرام وعظمته وجموع الطائفين والقائمين والركع السجود زاد يقينه وقربه من ربه عز وجل. والبيت الحرام قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم وغاية أمانيهم وأمنياتهم زيارة هذا البيت والصلاة فيه لذا فليس غريبا أن تبذل المملكة العربية السعودية وقيادتها منذ تأسيسها الغالي والنفيس من أجل تيسير الوصول إليه وخدمة القادمين إليه وتذليل سبل الحجاج والمعتمرين، والقادم إلى البيت الحرام كل عام يشاهد ويرقب ويعاين تلكم العناية والحرص من قبل الدولة وأجهزتها وليس ذلك بكثير.
إلا أن البيت الحرام يشهد خلال هذه الأيام أكبر توسعة مرت في تاريخه وأرقى صور العناية والاهتمام فتوسعة الملك عبدالله والانتهاء منها سوف تسهل بلا شك لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين. وأبلغ منها توسعة المطاف وزيادة الطاقة الاستيعابية له في مشهد للتوسعة والتيسير على الطائفين لا مثيل له. مذ كنا صغارا بل كنا نسمع من آبائنا وشيوخنا أماني الجميع بتوسعة المطاف إلا أن العراقيل والمثبطات كانت جميعها تقف حائلا دون ذلكم الأمل الكبير. وأخيرا تحقق ذلكم الحلم الذي مر على أجيال وقرون وها هو المطاف يشهد هذه التوسعة التاريخية الاستثنائية بحق مما يؤكد كذلك أن لا مستحيل أمام خدمة بيت الله الحرام وضيوف الرحمن.
وهو مشهد يقطع بجلاء أوضح صور العناية والاهتمام أما المشاهد الأخرى التي تؤكد تلكم العناية فهو مشروع وقف الملك عبدالعزيز العظيم الذي هو مفخرة من مفاخر الوقف والبناء والتعمير في العالم. ومن المشاهد السارة والمبشرة إجماع من التقيت بهم من المعتمرين من دول شتى على أن العناية ببيت الله الحرام وصلت إلى أرقى وأعلى مستوياتها وما يشاهده الجميع يفوق الوصف والتحليل وهو ما يبعث الفخر والاعتزاز لهذه البلاد وقيادتها وشعبها الكريم. وإذا كان بيت الله الحرام يشهد هذه المشاريع العملاقة الجبارة الهائلة فإن مكة برمتها سوف تشهد نقلة عظيمة أخرى في مسارات متعددة في النقل والتخطيط والتعمير.
وهو ما يسعى إلى تحقيقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة لتكون مكة المكرمة مدينة عصرية متميزة. يبقى أن نقول إن خدمة هذا البيت الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم هو سر عز هذه البلاد وخيراتها ومهما ينفق عليهما من أموال فهي مخلوفة بمثلها وزيادة. ومن أجمل ما رأيت كذلك ذلكم المشروع المبارك وهو تعظيم البلد الحرام الذي يبعث في نفوس الجميع وخصوصا الناشئة والشباب تعظيم البلد الحرام وتقديسه وتطهيره.
ولا شك أن إحياء تنظيم البلد الحرام في نفوس القاطنين والزائرين على حد سواء سوف يقضي على كثير من السلبيات التي تصدر لكون هذا المكان عظيما في نفوس المسلمين وعليه أن يكون مثاليا بقدر المستطاع.
ولقد سرني كثيرا تلك الأفواج من الشباب وهم يلبسون شعار «شباب مكة في خدمتك» ويتنافس الشباب لخدمة الزوار والمعتمرين في مشهد بهيج مفرح يبعث الطمأنينة والفرح والبهجة. ولقد اطلعت على تقرير عن هذه الحملة الرائعة والتي كشفت عن إنجازات عديدة تمثل بعضها في استفادة نحو ثلاثة ملايين شاب من هذا البرنامج، و قدم مليوني ساعة خدمية لقاصدي وسكان مكة المكرمة واستهدف شريحة الشباب السعوديين لبناء قدراتهم وتحسين هيئتهم أمام قاصدي بيت الله الحرام وأكثر من 14 ألف رجل أمن حصلوا على دورات التعظيم وغير ذلك من الإنجازات الرائعة. إنه بحق مشروع عظيم رائع يستحق الإشادة والدعم والتشجيع والمساندة.
عكاظ 1434/9/14هـ