النظافة في المقدسة مكة ووزارة المالية
سأتحدث اليوم عن خدمة واحدة فقط من خدمات عديدة يشوبها الكثير من النقص فيما تقدمه الأمانات والبلديات في عدد من مدن المملكة، وتحديداً في المشرفة مكة، وهي خدمة النظافة التي لا تزال أوضاعها في أحياء مكة حتى كتابة هذا المقال دون المستوى اللائق بمدينة سعودية فضلاً عن كونها مدينة مقدسة يؤمها ملايين البشر من مختلف الأجناس والأعراق وجميع أصقاع الدنيا
وبهذا فإن مكة -شرفها الله- هي عنوان بلادنا، بلاد الحرمين، وهي المرآة العاكسة لمستوى ما تحظى به من عناية وتقديس من قبل سكانها ومسؤوليها، ولمستوى ما تبذله الدولة في خدمتها
راقني ما سمعته مرة من الصديق السيد الدكتور سمير برقة بأن مكة المكرمة تعتبر محمية دينية –إن صح التعبير- وتأملت كيف أن مكة المدينة الوحيدة التي حدّ حدودها المولى عز وجل، وهو من حرّمها، وحدّد واجبات أهلها وزوارها ومن ولاهم أمرها، وهو من باركها وضاعف أجور الأعمال فيها، وهو سبحانه من توعّد من يُرِيد الظلم فيها فضلاً عمن يفعله
وهو عز وجل من اختارها لوضع أول بيت للناس فيها
وأمر برفع قواعد البيت فيها وهو من أمر بتطهيرها للطائفين والعاكفين والركع السجود
مكة هي المدينة الوحيدة التي لا يُنفَّر طيرها ولا يُعضد شوكها ولا يُختلى خلاها ولا تُلتقط لُقَطتها
أردد هذا الكلام لأذكر نفسي أولاً بعظمة مكة وعِظم قدرها عند الله عز وجل، وثانياً لعله يقع في نفوس بعض المسؤولين الذين لا يقدّرون مكة حق قدرها موقعاً حسناً، فبعضهم لا يستشعرون كم يخطئون في حقها وفي حق سمعة الدولة التي ما فتئت تنفق بسخاء من أجل توفير أعلى مستويات الراحة واليسر للزوار، وأخص في هذا المقال مسؤولي وزارة المالية الذين تخلوا عن أمانة العاصمة المقدسة عند وقوع الإضراب الأخير مطلع هذا العام لعمّال النظافة بسبب قرارات وزارة العمل، وامتناعها عن سداد رسوم الإقامات حسماً من مستحقات المقاول، وتركها –وأعني وزارة المالية- لمسؤولي الأمانة يتكففون رجال الأعمال لسدادها وحل مشكلة الإضراب، والذين تأخروا كثيراً في اعتماد عقد النظافة الجديد الذي رُفع لهم منذ عدة أشهر، وبالتالي تأخرت أعمال ترسيته حتى الآن بسبب استكثارهم لمبلغ العقد مقارنة بالمدن الأخرى دون الأخذ في الاعتبار ظروف مكة التي تختلف عن تلك المدن، ومطالبتهم الأمانة بتخفيضه، في حين أن تصريحات مسؤولي الأمانة تؤكد أن مواصفاته تشكل حجم الإمكانات المطلوب للنهوض بمستويات النظافة إلى المستوى المطلوب وتغطي مواسم العمرة والحج التي أصبحت تستغرق معظم شهور السنة
فيا وزارة المالية ويا كل من يهمه الأمر قدّروا مكة حق قدرها وأحسنوا إلى أهلها وزوارها وإلى سمعة بلدكم
يا رعاكم الله
مكة 1435/4/10هـ