بعد أن كانت مكة أنظف مدن العالم

كُتبت آلاف المقالات وتم إرسال عدد من المخاطبات الرسمية في موضوع الذباب والبعوض والنظافة في العاصمة المقدسة، التي ذهب ضحيتها بسبب إهمال أمانة العاصمة والشؤون الصحية والوقائية وغيرها الكثير من الأرواح، فقُضِي على من قضي عليه بسبب حمى الضنك وبسبب التسمم الغذائي وبسبب الغبار المنتشر في الأجواء من جراء الهدميات وإزالة المباني وبسبب النفايات المنتشرة في شوارع مكة المكرمة، أعزها الله، وبسبب المطاعم التي تقدم للناس وجبات غير صحية، والتي أغلق بسببها أكثر من 170 مطعما الأسبوع الماضي.


ولكن ما من مجيب!! لقد تسمم الكثير من الناس بسبب تناول وجبات غير صحية سببت لهم أمراضا معلومة وغير معلومة، وآخر ضحايا التسمم الغذائي هي حفيدتي الشيماء، بل إن ابنتي لم تسلم من ذلك فقد اشترت وجبة من أحد الأماكن فوجدتها متعفنة! فمن المسؤول عن ذلك؟ إن المسؤول يعرف نفسه لكنه يجبن عن قول الحقيقة للناس وإظهار جوانب الإهمال والقصور لديه.


ونحن لن نجامل أحدا ونخفي حقيقة واضحة كالشمس، لأن المتضررين هم نحن (المواطنون).


إن المسؤول عن كل هذا هي وزارة الصحة، والصحة الوقائية، وأمانة العاصمة المقدسة، التي تشرف على أقدس وأطهر بقعة في العالم، والتي طالما أسمعتنا مبررات غير مقنعة! وهنا يأتي دور الإمارة التي نرجو أن تتفاعل مع مشاكل مكة في جميع المجالات، وكذلك تتفاعل مع مشاكل سكان مكة المكرمة، وأن تجد الحلول لهذه المشكلة.


إن منظر النفايات ومخلفات العمائر في مدينة مكة المكرمة يأخذني بعيدا لدولة أفريقية متأخرة جدا، شاهدت فيها أكوام القمامة كالجبال.
هذا في دولة أفريقية يمكن أن نعذرها لقلة إمكاناتها، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعذر أمانة العاصمة المقدسة التي يقال إنه رصد لها مليارات الريالات لبند النظافة، الذي يكفي لأن تحول مكة المكرمة إلى أنظف مدينة على وجه البسيطة! إننا نرجو من معالي الأمين أن يمر بشارع محمد بن جبير والشوارع المحيطة بجامع المهاجرين لكي يرى بنفسه إلى أي حد وصلت النظافة، وليشاهد القمامة الموجودة على أرصفة الحي، ولينظر بعينيه إلى مخلفات العمائر.


كما أرجو من الصحة الوقائية أن تضع أشرطة لاصقة في أي شارع من شوارع مكة لتجد بعد دقيقتين ملايين الذباب والبعوض قد علقت بها.


الحل يكمن فيما قاله حكيم الذباب وأحد علماء البعوض، حيث صرحا (بأنه ليس هناك حل إلا أن تنظف مكة المكرمة عاصمة المسلمين وقبلتهم ومأوى أفئدتهم ومكان حجهم)، ويستطرد حكيم الذباب وعالم البعوض قائلين: «نحن نعيش على الأوساخ والمخلفات والقمامة والبرك الوسخة والمياه الراكدة، فإذا قضيتم على كل ذلك فلن ترونا أبدا!»..


فهل تجد هذه النصيحة أذنا واعية من المسؤولين.
أما بخصوص المطاعم التي أجرمت بحق المواطنين فيجب أن تغلق أبوابها ويحاكم أصحابها، فأرواح الناس ليست لعبة في أيدي هؤلاء! أمن أجل ربح سريع وأموال تضخ في أرصدتهم يقتلون الناس ويمرضونهم؟ إن أهالي مكة المكرمة يعانون أكثر من غيرهم بسبب الأحوال المتردية في المطاعم الرديئة، وفي أماكن الذبح غير الصحي، ومن المبيعات ذات الصلاحية المنتهية و...و...إلخ.


فيا أيها المسؤولون..ارحمونا يرحمكم الله. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. اتقوا الله فينا وفي مَن يَقْدمون إلى مكة من حجاج ومعتمرين. لقد كانت مكة المكرمة قبل أربعين عاما أنظف مدينة في العالم، أيام المخلص الأستاذ عبد الله عريف أمين العاصمة آنذاك..فهل يعقل أن نراها من أقل المدن نظافة في العالم؟

صحيفة مكة 1435/5/22هـ