برنامج الثامنة.. حشف وسوء كيلة

كلما أتابع حلقة من حقات برنامج الثامنة -مضطراً- يتأكد لدي ضعف الإعداد للحلقات وضعف استعداد واطلاع مقدمه على موضوع أو مواضيع الحلقة فتجده مطأطئاً رأسه يبحث فيما وضع أمامه من أوراق.. يجتزئ منها بعض المعلومات دون تدقيق فيما يقرأ.


هذا الملمح الأول، وأما الملمح الثاني فهو مخاطبة بعض الضيوف بفوقية تتنافى مع قيم المجتمع التي تشدد النكير على الكِبْر والتحقير من شأن الآخرين، وتأمر بتوقير الكبير وإنزال الناس منازلهم. إذ لا يتورع مقدم البرنامج من مخاطبة كبار السن والوزراء بأسمائهم مجردة من أي ألقاب (يا فلان .. وأنت يا فلان بن فلان..)، وهذا برغم أن معظم المشاركين يخاطبونه بكنيته ولا ينادونه باسمه المجرد.


وفي نظري وباعتبار أن البرنامج يُبث على قناة يشاهدها الملايين فإن أسلوب مقدم البرنامج يسيء للمجتمع السعودي ويظهره بمظهر من لا يوقر كباره، وفي نفس الوقت يعلم أجياله الجديدة هذا الأسلوب غير المناسب في مخاطبة الناس.


إن برامج كبرنامج الثامنة مطلوبة لتسليط الضوء على جوانب القصور في أي جانب يمس حياة الناس، ولكن بشرط التزام الموضوعية ودقة المعلومة والحياد في نقل آراء الأطراف المعنية بموضوع البرنامج، والالتزام بأدب الحوار وقيم المجتمع.


وأما فيما يتعلق باستهداف البرنامج ومقدمه لجمعية البر في مكة المكرمة فهو أمر مستغرب، إذ للمرة الثانية خلال عام يستهدف الجمعية دون الإعداد اللازم ودون استيضاح المعلومات حول الموضوع المثار حول برنامج من أربعة وعشرين برنامجاً من برامج الجمعية وهو الإسكان الخيري. ويكرر فرية طرد الجمعية لسكان مساكنها الخيرية إلى الشارع برغم أن جميع السيدات اللائي استضافهن البرنامج للمرة الثانية يؤكدن وبعد مضي عام كامل على إطلاق الفرية أنهن لا يزلن في مساكن الجمعية، وأن الجمعية وفرت لهن السكن بعدما نزعت هيئة تطوير مكة ملكية مباني الجمعية وهدمتها العام الماضي، وساعدت جميع الأسر التي يصل عددها 67 أسرة ولم يُطرد أياً منها للشوارع كما يكرر مقدم البرنامج ومشاركيه.
كل ما في الأمر أن جهة حكومية طالبت الجمعية بإخلاء بعض مبانيها لصدور قرار بنزع ملكيتها لصالح مشروع الملك عبدالله لإعمار مكة وبدورها أخطرت الجمعية السكان بضرورة الإخلاء وقدمت لهم مساعدة كبيرة نسبياً لتوفير سكن بديل واستجابت الأغلبية العظمى 55 من 67 أسرة وعارضت 12 أسرة فوفرت لهم الجمعية سكناً بديلاً.


وفي رأيي أن الجمعية كانت ضحية لقرار النزع والهدم وكان الأولى الوقوف إلى جانبها وحث الجهات الحكومية على إعطائها وسكان مبانيها المنزوعة فسحة من الوقت لتدبير البديل، خاصة أن المشروع الذي نُزعت وهُدمت مباني الجمعية من أجله لم يبدأ حتى كتابة هذا المقال أي بعد عام كامل من الاكتفاء بهدمها؛ لكن فيما يبدو أن مقدم البرنامج استضعف الجمعية ووجه سهامه إليها وتفادى الجهات الحكومية التي كانت سبب الأزمة.


وفي سبيل ذلك لوى أعناق المعلومات التي بين يديه لياً مخلاً بالموضوعية، ولعل أبرز مثال على ذلك عرضه لعقد ينظم العلاقة بين الجمعية والساكن في مساكنها دون أن يقرأ عنوانه بأنه عقد بدون أجرة والحديث عن أن صيغة العقد وكأنها لمستثمر عقاري وتركيز الحديث على رسم الخدمات المقدر بـ1800 ريال في العام والنفخ فيه وتضخيمه، لدرجة إطلاقه تساؤل أين تذهب هذه الـ1800 برغم تفاهتها مقابل إيرادات الجمعية التي تُقدر بعشرات الملايين!!


بقي القول إن نتائج مثل هذه الادعاءات الباطلة تجاه جمعية البر بمكة والخالية من الموضوعية هي في النهاية نتائج سلبية على المستفيدين من برامج الجمعية على عكس ما يبديه مقدم البرنامج من حرص على مصالحهم، وقد تمتد إلى عموم العمل الخيري بشكل عام.

صحيفة مكة 1435/11/27هـ