القلوب تهوي إلى مكة

أثار المقال المنشور بهذه الصحيفة بعنوان «الطريق إلى مكة» تساؤلات عديدة حول الكتابين اللذين حملا نفس العنوان، الأول كتاب محمد أسد وهو الأسبق والآخر كتاب توم روول يحمل نفس العنوان إلا أن المراد منه تجسيد البعد الروحي باعتبار مكة مصدراً للوحي والإلهام لبلوغ أعلى مراتب السعادة وبصفتها قبلة ووجهة للعالمين شرحها في خمسة أهداف أو متطلبات للنجاح العملي والشخصي وذكّر في هذا الأمر بالإلهام الذي انتاب خالد الفيصل عندما تبوأ إمارة منطقة مكة المكرمة فجعل من مكة المصدر الذي يستقي منه الخطة الاستراتيجية لهذه المنطقة الغالية على نفوسنا جميعاً.

من جانب آخر هاتفني سعادة السفير عبدالله عالم عن بعض الطقوس التي تمارس قبل سفر أول فوج للحجاج في أندونيسيا، فبعد وصول الحجاج إلى أحد الأماكن القريبة من المطار وهو مركز لتدريب الحجاج وتوعيتهم قبل المغادرة إلى الأراضي المقدسة، وكيفية الطواف والسعي حتى أصول لبس الإحرام وغير ذلك من الشعائر المطلوبة لأداء الفريضة المقدسة، يقام حفل توديع لأول فوج من الحجاج، ويحضر الحفل وزير الشئون الدينية وبعض الوزراء والمسئولين ويحضره سفير خادم الحرمين الشريفين في جاكرتا، ويحضر الحفل (أمير الحج) أي المسئول عن الحجاج في ذلك الموسم، وأمير الحج يعين من قبل رئيس الجمهورية والذي يوكل إليه مسئولية سلامه الحجاج ورعايتهم.

وخلال الحفل الذي يبدأ بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ، وبعد تبادل كلمات الترحيب وتوصية الحجاج يقوم الوزير بتقديم راية «علم الحج» إلى أمير الحج وبهذا يحمله المسئولية التي أوكله إياها رئيس الجمهورية في ذلك العام، في تلك الأثناء تكون الطائرة الأولى لنقل الحجاج جاهزة لنقل الفوج الأول حيث يقوم وزير الشئون الدينية بصحبة سفير خادم الحرمين الشريفين بتوديع الحجاج داخل الطائرة ويلقي الوزير كلمة للحجاج، ثم يلقي السفير بدوره كلمة مقتضبة ويتوجه بالدعاء إلى الله بأن يجعل حجهم مقبولاً وسعيهم مشكوراً، والعودة الحميدة إلى وطنهم، ويصف السفير/عبدالله تلك اللحظات المؤثرة التي تغمر جميع الحجاج وهي ممزوجة بالبكاء والدعاء بطلب العفو والمغفرة والرحمة من الخالق وكلهم يتمنى أن يكون مثواه الأخير في المعلاة في مكة المكرمة أو بقيع الغرقد في المدينة المنورة.

هناك طقوس مختلفة ولكنها متشابهة في العديد من دول العالم الاسلامي تثير الإعجاب تقام في قرى وبعض مدن العالم الإسلامي عندما يقترب موسم الحج وقلوبهم تهوي إلى مكة.


إنه ليشرفنا جميعاً في هذه البلاد المقدسة أن نكون خدماً وعوناً لضيوف الله، ويحدونا الأمل في جميع الحجاج أن يكونوا عوناً لنا وذلك بالالتزام بالسكينة والوقار في كل خطواتهم في الديار المقدسة، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بهم.

المدينة 1435/12/6هـ