كفاية ضرر
هكذا لخص أحدهم مطلبه بسرعة وقف قرار تخفيض الحجاج بنسبة 20% الذي بدأ تطبيقه في حج عام 1434هـ.
فقد تضرر الاقتصاد الوطني كثيراً بسبب تخفيض عدد الحجاج، وتضررت جميع القطاعات الأهلية (إسكان، إعاشة، طوافة، نقل،... إلخ)، ولعل أكبر الخسائر كانت من نصيب قطاع الإسكان، الذي تسيطر عليه بعثات الحج التي تتمتع منذ صدور ضوابط إسكان في عام 1410هـ بموقف تفاوضي أفضل مقابل الملاّك والمستثمرين المحليين.
وقد قُدّرت الخسائر في السنة الأولى لتنفيذ قرار التخفيض وهي موسم حج عام 1434هـ الماضي بعدة مليارات، بعضها مباشر وهي الناتجة عن عدم تأجير ما يعادل نسبة التخفيض، والبعض الآخر غير مباشر الناتجة عن تخفيض أجرة ما تأجيره بفعل قوة موقف البعثات وفائض العرض على الطلب.
وفي السنة الثانية لتنفيذ القرار وهي موسم حج عام 1435هـ تضاعف حجم الضرر بسبب الضغوط التفاوضية التي مارسها ممثلو الحجاج (بعثات وشركات)، وزيادة فائض العرض بدخول عمائر وفنادق جديدة إلى سوق الإسكان.
وباعتبار أن القوة التفاوضية لبعثات الحج لا تزال راجحة لصالحها ضد المستثمر المحلي فقد كان معظم الخسائر ناتجا عن ضغوط البعثات أكثر من كونه بسبب فائض العرض، وقد أدى ذلك إلى تخفيض أجرة ذات المباني بنسبة تتجاوز النصف وفي بعض الحالات تجاوزت السبعين في المئة مقارنة بالسنوات التي سبقت التخفيض.
وقد بدأت ترشح بعض المعلومات عن بدأ البعثات في ممارسة ضغوط جديدة للموسم المقبل من الآن.. ومعلوم بالضرورة أن الضرر لم يتوقف على قطاع الإسكان وإن كان هو الأكبر والأكثر وضوحاً، وإنما يمتد لكل الخدمات التي تُقدم للحجاج، بشكل مباشر كالطوافة والنقل والطعام والشراب والملابس والهدايا والحلاقة والعربات وإلى آخره من خدمات.. وإلى المستفيدين من عوائد كل هذه الخدمات، وبشكل غير مباشر وهي الخدمات التي تقدم لكل الجهات التي تقدم خدماتها المباشرة الحجاج.
وبلغت الأضرار حد افتقار البعض وسجن آخرين ونشوء العديد من القضايا في المحاكم.. ولا يخفى على فطنة القارئ والمسؤول أن أضرار تخفيض أعداد الحجاج تتفاوت وفقاً للقدرة المالية للمتضرر، ولكن المحزن تلك الأضرار التي تنال الفقراء من الأهالي في مكة المكرمة والمدينة المنورة الذين يعيش بعضهم طوال العام على ما يحصل عليه من عوائد بعض الخدمات والأوقاف إذ بلغ ببعضهم حد طلب الزكاة.
وباعتبار أن السبب المعلن للتخفيض هو مشروع توسعة المطاف، وقد أثبتت التجربة في العامين 1434و1435هـ أن سعة المطاف كانت أعلى سعة مقارنة بما قبلها على الإطلاق وعبر التاريخ، وذلك على أساس إنهاء ربط أجزاء التوسعة واكتمال دائرة الطواف في جميع الأدوار قبل موسم الحج بالإضافة للمطاف المعلق الموقت.. فإن المطالبة بوقف الضرر ووقف تنفيذ قرار التخفيض هذا العام 1436هـ مشروعة.
والأمل أن تستجيب الجهات المعنية وبشكل سريع والإعلان مبكراً وخلال شهر محرم الحالي لتفويت الفرصة على ممارسة البعثات المزيد من الضغوط على المستثمر المحلي (المواطن) ووقف نزيف الاقتصاد الوطني والحد من الخسائر التي منيت بها المؤسسات والاستثمارات الأهلية خلال السنتين الأخيرتين..
ففي الإعلان عن وقف القرار للموسم المقبل طمأنة للمستثمر المحلي وفي نفس الوقت كبح لضغوط البعثات، والوصول إلى نقطة لا ضرر ولا ضرار.
وبعد: أليس من الواجب وبعد بيان الحال أن يعمل الجميع على وقف الأضرار والقول: كفاية ضرر؟!
صحيفة مكة 1436/1/3هـ