هل من أعذار أخرى للأمين البار!

 

 

كانت مؤسسة دلة للنظافة تقوم بواجبها نحو مكة المكرمة في مجال النظافة خير قيام، واستمرت على ذلك سنوات طويلة كان عملها وأداؤها خلالها محل تقدير وثناء المكيين بصفة عامة، ولم يكن مبلغ العقد الموقع بينها وبين وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في أمانة العاصمة المقدسة يزيد على 140 مليون ريال سنويا أو 700 مليون ريال لمدة خمس سنوات، وكان صاحب المؤسسة يؤكد لمن حوله أنه لا يهدف من وراء الفوز بعقد نظافة أم القرى تحقيق أرباح، بل إن هدفه خدمة المدينة المقدسة التي ينتمي إليها باعتبارها مسقط رأسه، وإليها يهفو وينتمي كل مسلم في العالم.


ولما انتهت قبل خمس سنوات مدة العقد الأخير طرحت نظافة أم القرى في مناقصة عامة فتقدمت مؤسسة غير مؤهلة بطلب التعاقد معها وقبلت بسعر أقل هو 100 مليون ريال سنويا أي 500 مليون لمدة خمس سنوات ففازت تلك المؤسسة بالعقد لأن نظام المناقصات الذي مضى عليه عشرات السنوات يرجح إعطاء المناقصة للمتقدم بأقل سعر دون التأكد أحيانا من قدرته على القيام بواجبه وتنفيذ ما عليه من التزامات في العقد، ومنذ استلمت تلك المؤسسة نظافة مكة المكرمة والشكوى قائمة من تردي مستوى النظافة فيها والصحف تنشر عن أكداس القمائم ليس في الشوارع الفرعية والأزقة ولكن في بعض الشوارع العامة والأمانة تعلن بين الفينة والأخرى أنها (حسمت على المقاول) مبلغا من المال أو أخرت صرف دفعة من دفعات العقد لعل صاحب المؤسسة يتذكر أو يخشى ولكن لا شيء تغير، وبقيت أحوال النظافة متردية، وظل عجز تلك المؤسسة واضحا حتى أنها عجزت عن دفع رسوم تصحيح أوضاع بعض عمالها المنقولين إليها فهرعت أمانة العاصمة المقدسة حسب ما نشر في حينه إلى الاستعانة ببعض رجال الأعمال لتسديد تلك الرسوم لأن العمال امتنعوا عن العمل خوفا من المساءلة لأنهم كانوا يعملون لدى غير كفيلهم فتم تصحيح أوضاعهم على نفقة المحسنين إلا أن التحسن في مستوى النظافة لم يستمر طويلا حتى ضاقت الأمانة والوزارة ذرعا بما هو حاصل وتم التفاهم على إلغاء عقد تلك المؤسسة والدخول في مفاوضات مع وزارة المالية لرفع قيمة عقد نظافة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة إلى أربعة مليارات ريال لمدة خمس سنوات، وبعد أخذ ورد ونقاش وافقت وزارة المالية على جعل المبلغ 2500 مليون ريال أي 500 مليون ريال لكل عام، وجاءت فكرة تقسيم مكة المكرمة والمشاعر المقدسة إلى خمس مناطق وتوزيعها على خمس مؤسسات نظافة وترسيم حدود كل منطقة لتحديد المسؤولية.

وعلى أية حال فإن المتوقع أن تنهض أمانة العاصمة المقدسة بواجبها في هذا المجال فلا تسمح لشركات النظافة الخمس التي وقعت معها عقود نظافة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بذلك المبلغ الفلكي، بأي تقاعس أو تقصير وحسبها أنها نالت ما يساوي خمسة أضعاف قيمة العقد المنتهي الذي ربط سوء مستوى النظافة بانخفاضه مع أن أحدا لم يضرب تلك المؤسسة على يدها حتى تتقدم بأقل عطاء للفوز بالمناقصة، بل هي التي فعلت ذلك لكي تبعد جميع المنافسين، وتفوز بالعقد غير عابئة بنتائج عملها وانعكاساته على مستوى النظافة في البلد الأمين لأنها كانت تعلم أن الغرامة المالية التي يمكن أن توقع ضدها لقاء إخلالها بشروط العقد لن تزيد عن عشرة في المئة من قيمته أي 50 مليون ريال والباقي لها 450 مليون ريال، ولا يراك الله إلا محسنا!

عكاظ 1436/2/10هـ