عودة أعظم يتيم

عندما أتجول في طرقات قبلة الدنيا ومصدر النور أشعر برهبة وجلال وحب  لأن أعظم إنسان في الكون كان يمشى على هذه الأرض ، لكنني أزداد خشوعا عندما أتذكر تلك الليلة الخاشعة التي دخلت فيها أم أيمن بركة الحبشية على جملها وهي تحضن بقلبها وروحها أعظم نسمة في الكون على مر الزمان سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام ، بعد أن توفيت والدته الطاهرة آمنة بنت وهب في الأبواء ودفنت هناك وهي راجعة من طيبة التي كان اسمها يثرب ، بعد زيارتها لقبر زوجها عبدالله بن عبدالمطلب رحمه الله ، عادت آمنة بعد شهر مكثته هناك في زيارة الوفاء لزوجها وحبيبها ، فمرضت في الأبواء وشعرت بقرب الأجل ، حينها أمسكت بيد بركة الحبشية أم أيمن في ظلام الليل وهدوء الصحراء وقالت والدموع تسيل على خدودها ، يا بركة إبني وحبيبي أمانة عندك ، كيف كان شعورها وهي تفارق الحياة في صحراء قاحلة وتترك قلبها بعدها يذوق ألم الفراق للمرة الثانية بعد فراق الأب ، لقد كانت ليلة عظيمة ، أنا لا أشك أن جبريل وملائكة السماء عليهم السلام كانوا حاضرين تزدحم بهم سماء الأبواء وكلهم يبكون لأجل الصغير العظيم ويشاهدونه ينظر لعيني والدته وهي تذبل وتفارق الحياة والكون ، سبحانك يا ربي ..

 يا هل ترى ماهي الأفكار والمشاعر التي كانت تتحرك في الصدر الطاهر والقلب الرحيم  في تلك الليلة ، دفنتها أم أيمن وعادت بالوليد المبارك الطاهر ودخلت إلى مكة ،، إلى قبلة الدنيا ، وقفت أمام عبدالمطلب تريد الكلام فلم تنطق بحرف واحد ، نطقت دموعها وتكلمت شهقاتها وهي تسلم الوليد المبارك لجده وتقول ،،

اكتمل اليتم وتم الحزن وفقد أعظم مصادر الحنان ،، إنه سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، كم تعب في حياته على رمالك يا قبلة الدنيا ، كم تنكرت له الأيام وخالفته الليالي لكنه كان ينظر إليها بعين الحب وفاز الحب أخيرا  ، كل ذرة في ترابك يا قبلة الدنيا كتاب ذكريات باكٍ يرسم المجد على صفحات  الكون .

مقال خاص بموقع قبلة الدنيا | نشر بتاريخ 1436/2/15هـ .