علم الإنشاد المكي
فقدت مكة يوم الثلاثاء 25 / 6 / 1436 أحد رجال أشهر أسرة مكية علمية فيها بوفاة السيد عباس علوي عباس المالكي، أبن أشهر علماء مكة شيخنا السيد علوي عباس المالكي الذي ملأ وطنه حضوراً كان مجلسه للتعليم في المسجد الحرام يحضره صفوة من يطلبون العلم على يده، وكان مدرساً في أول مدرسة نظامية في البلاد مدرسة الفلاح، وكان الشخصية المكية التي تتفوق على علماء العصر في تواصلها مع العامة والخاصة، وعلى دربه سار ابنه السيد محمد علوي عباس المالكي رحمه الله الصديق العزيز الذي دام تواصلي معه حتى لقى الله مطمئن النفس راضٍ بما قدم، واليوم يلحقهما ابن الأول وأخ الثاني السيد عباس المالكي وقد عاش أيامه بينهما، يحضر مجالسهما العلمية ويفيد من علمهما، وإن غلب عليه الإنشاد مديحاً في سيد الخلق المصطفى سيدي رسوله – صلى الله عليه وسلم – وانشاد قصائد روحية في المناسبات الدينية وكان رحمه الله عاشق أم القرى الذي إذا حدثك عنها وعن عادات أهلها، ومجالس العلم والذكر فيها أصغيت إليه بكل جوارحك، فما يقوله لن تسمعه من لسان غيره، فهو إذا تحدث عنها نسى كل شيء سواها.
رافق رحمه الله في مجلس والده علماء أجلاء بمكة قادتهم شهرتهم العلمية إلى سائر الاقطار الإسلامية، فكان لهم من التلاميذ العدد الأكبر من أبناء دول الإسلام كلها، ولوالده وأخيه حضور في سائر أقطارنا الاسلامية، يتردد ذكرهما في كل قطر منها، وتبعاً لهما كان ديدنه زيارة تلك الاقطار حيث يلقى فيها في الترحيب والاجلال ما لا يلقاه سواه، يحضر معه طيف وذكرى والده الشيخ وأخيه وارث العلم الشرعي وخادمه.
وقد لا يعرف الناس أن السيد عباس له من العلم الكثير فمصاحبة العلماء الكبار لا تنتج إلا علماً وفضلاً، ولكن شهرة الانشاد لم تجعل الناس يبحثون عن علمه وما هو بالقليل.
وإن كنا نروي بالاسناد عن ابيه كتباً في فروع العلم كثيرة إلا اننا نتوق إلى شيء من ذكر الله والصلاة على سيد خلقه المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم- فنزور مجلس السيد عباس ابنه لنسمع ما يخاطب الروح منهما فنعود إلى مجالس العلم وقد أرتوت أرواحنا.
وللأسرة اليوم أبناء ورثوا العلم وطلبوه كآبائهم ، وانا لنرجو لهم خيراً بعد آبائهم، وأن يبرزوا كما برزوا، فأحمد بن محمد علوي عباس المالكي وابن عمه علوي بن عباس علوي المالكي ومن يلحق من الأخوة وأبناء العمومة لتظل منازل الأسرة منازل ضياء بالعلم الشرعي تخدمه وتنشره، ويزورها طلاب العلم في كل أقطارنا الإسلامية كما كان للأجداد والآباء الأثر العظيم في النهوض بالعلوم الدينية على مختلف فروعها.
وإن لفي عنقي دين لسيدي العالم الجليل السيد علوي عباس المالكي لما قرأت عليه، وقد تعرفت بعد مذهبي الشافعي على المذهب الذي ينشر علمه مذهب إمام دار الهجرة سيدي الإمام مالك بن أنس الأصبحي، وكان آنذاك علماؤنا يعلموننا فقه المذاهب الأربعة دون تحيز لهذا المذهب أو ذاك، ويجعلون من هذا التنوع باباً لنفي التعصب للإفادة من كل عالم.
فعزائي للسادة آل المالكي في فقيدهم الجليل السيد عباس علوي مالكي سائلاً الله له المغفرة والرضوان وأن يلحقه بالصالحين، ونسأل لهم الصبر في مصابهم به، وأن يثيبهم الله على صبرهم “جعلهم الله موفقين دائماً”.
صحيفة البلاد 1436/6/30هـ