حان الوقت لوقف الضرر
سبق لي الكتابة حول قرار الحكومة تخفيض عدد الحجاج بنسبة 20 % مرتين، الأولى خلال شهر ذي القعدة 1435 طالبت فيها بتعويض المتضررين من قرار الحكومة وفق آليات تشارك في وضعها جهات ذات علاقة ولديها من المعلومات ما يعين على تحديد مقدار التعويض لكل متضرر، ودعوت الغرفة التجارية بمكة المكرمة لتبني المطالبة ووضع الآليات بالشراكة مع الجهات الرسمية ذات العلاقة.
والمرة الثانية كانت في محرم 1436 طالبت فيها بوقف الضرر الذي نتج عن قرار التخفيض وتزايده في العام الثاني له بسبب ضغوط بعثات الحج على ملاك ومستثمري العقار، باعتبار انتفاء سبب التخفيض وهو تأمين سلامة الحجاج أثناء تنفيذ مشروع توسعة المطاف، وذلك من خلال مضاعفة طاقة استيعاب المطاف للعام الثاني على التوالي وتحقيق أعلى درجات الأمان لحجاج بيت الله الحرام.
كانت المطالبة بوقف القرار المحدد بثلاثة أعوام قبل انقضاء أجله باعتبار انتفاء أسباب التخفيض والمتعلقة بأمن وسلامة الحجاج أوقات الذروة في أداء نسك طواف الإفاضة؛ -كانت المطالبة- من أجل وقف الضرر الذي لحق باقتصادنا الوطني وطال كل من يقوم على خدمة ضيوف الرحمن من القطاع الأهلي والخاص كالإسكان والطوافة والنقل والطعام والشراب والملابس والهدايا والحلاقة والكراسي المتحركة وإلى آخره من خدمات.
أما وقد انقضت السنوات الثلاث واكتمل إنشاء جميع أدوار توسعة المطاف فإن الوقت قد حان لوقف الضرر بإعادة نسبة الـ20 % المخفضة من أعداد الحجاج.
جميع المتضررين انتظروا -و لا يزالون- إعلان إعادة الـ20 % بعد موسم الحج الأخير إلاّ أنه لا جهة رسمية أعلنت ذلك حتى الآن، في الوقت الذي بدأت فيه عملية جدولة لقاءات مكاتب شؤون الحجاج (البعثات) بمسؤولي وزارة الحج ومؤسسات الطوافة خلال الأسابيع القادمة.
فالإعلان عن إعادة الـ20 % له آثار إيجابية على عوائد مساكن الحجاج والقيم الإيجارية للعقارات المخصصة لإسكان الحجاج، والتي تراجعت بشكل كبير بسبب ضغوط مكاتب شؤون الحجاج على ملاّك العقارات.. وله بالتأكيد آثار مهمة على الخطط التشغيلية لمؤسسات أرباب الطوائف.
إن ضوابط الإسكان جعلت اليد الطولى في سوق العقار في المكتين لمكاتب شؤون الحجاج، وجعلتهم في موقف تفاوضي أقوى باعتبار ضخامة أحجام غالبها مقارنة بحجم ملاّك العقارات؛ فجعلتهم يفرضون شروطهم والإيجارات التي يريدون على المواطن. وجاء التخفيض خلال السنوات الثلاث الماضية وفي ظل وفرة المساكن ليضيف قوة إلى قوتهم التفاوضية.
ومن جهة أخرى شكّل تنامي الفائض في طاقة مساكن الحجاج والفنادق خلال السنوات الأخيرة ضغوطاً إضافية على عوائد الاستثمار العقاري في مكة المكرمة، وهو ما يتطلب ليس فقط الإعلان عن انتهاء سنوات تخفيض عدد الحجاج، وإنما إعادة النظر في المساحة المخصصة للحاج بما يحدث بعضاً من التوازن ما بين العرض والطلب في سوق العقار الذي رجح لصالح المستأجر - بفعل القرار والفائض - ويحسّن من عوائد الاستثمار العقاري.
لذلك الأمل كبير وعاجل في الإعلان عن انتهاء سنوات التخفيض وعودة الأعداد إلى ما كانت عليه قبل التخفيض ليستعيد سوق العقار شيئاً من عافيته.
صحيفة مكة 1437/3/24هـ