اكتظاظ صحن المطاف غالب الأوقات.. لماذا؟!
اعتدنا على إغلاق أبواب المسجد الحرام أياما معدودة في العام، هي: ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، وليلة ختم القرآن، ويوم الثاني عشر من ذي الحجة.. ولكننا هذه الأيام نشهد إغلاق الأبواب كل يوم قبيل الفروض بسبب اكتظاظ صحن المطاف.. وهو أمر نكاد نشاهده على مدار ساعات بث قناة القرآن الكريم.
والآن لي ما يقارب الثلاثة أشهر لم أتمكن خلالها من أداء صلاة المغرب داخل المسجد الحرام بسبب إغلاق أبوابه - وكذلك صلاة العشاء إلاّ ما ندر- برغم محاولاتي التبكير في الوصول للمسجد الحرام قبل الأذان بما يقارب النصف ساعة.. وهو ما دعاني وغيري إلى التساؤل عن سبب هذا التغير السريع والمفاجئ وفي هذا العام تحديدا، والتأمل في ذلك..
وفيما بدا لي حتى الآن أن هناك سببين رئيسيين مرتبطين ببعضهما وراء اكتظاظ صحن المطاف:
السبب الأول: هو ارتفاع كثافة الإسكان حول المسجد الحرام - وهو ما سبق لي التحذير منه مرارا وعبر أكثر من منبر- وهو ما يتسبب في رفع معدلات التدفق إلى المسجد الحرام وساحاته عند كل صلاة بشكل يكتنفه الكثير من المخاطر على قاصديه.
والسبب الثاني: هو مضاعفة معابر الوصول لصحن المطاف مقارنة بما كان قبل التوسعة الأخيرة للمطاف، وذلك من خلال دور البدروم والذي تم فتحه على الصحن، إضافة إلى دور الرواق سابقا؛ وهو ما حد من قدرة التحكم في التدفق إلى الصحن أو على الأقل ضاعف الجهود المطلوبة من مسؤولي تنظيم الحركة في المسجد الحرام للتحكم في أعداد قاصدي الصحن.
وفي رأيي أن توسعة الصحن ومضاعفة المعابر إليه تشكلان خطورة عالية على الطائفين وعبئا ومسؤولية أكبر على المسؤولين عن أمنهم لأن حراجة الوضع أصبحت على مدار أيام السنة وبالتالي نسبة احتمال وقوع تدافع مرتفعة بشكل أكبر من ذي قبل، وأي خطأ ولو بسيط في تقدير بعض المواقف من قبل مسؤولي الحركة في المسجد الحرام قد يؤدي إلى كوارث كبيرة، خصوصا في أيام الذروة في رمضان والحج.
كما أن اتساع دائرة صحن المطاف ودون أعمدة تسهم في تفكيك الحركة وخلخلة حشود الطائفين قد تشكل في أوقات الذروة ضغطا هائلا على الطائفين الملاصقين للكعبة المشرفة يعرض حياتهم للخطر.
وهذا الوضع يستدعي قراءة سريعة لواقع اكتظاظ الصحن واتخاذ جملة من التدابير التي أرى من بينها:
• تخفيض كثافة الإسكان في المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام ووقف بناء الأبراج العالية حالا.
• فصل البدروم عن صحن المطاف وجعله للصلاة فقط مع المحافظة على إطلالته على الكعبة المشرفة باستخدام حواجز زجاجية.
• بناء جوامع كبيرة ويمكن أن تكون على نمط شبيه بالنمط العمراني للمسجد الحرام في أحياء مكة ونشر معلومة أن مكة كلها حرم والصلاة في أي حي من أحيائها هو بمائة ألف صلاة لتخفيف تدفق المصلين إلى المسجد الحرام عند كل صلاة.
• وضع مخطط شامل للحركة في الساحات الخارجية المحيطة بالمسجد الحرام وتحديد اتجاهاتها، بحيث يتم تحديد ممرات المشاة بشكل ثابت، وتغيير لون بلاطها، ووضع حواجز دائمة مثل حواجز المسعى، ولوحات إرشادية للوجهات والأحياء والمعالم الرئيسية المحيطة بالمسجد الحرام، ومنع الصلاة فيها في جميع الأوقات.
كل ذلك من أجل أمن قاصدي المسجد الحرام وتسهيل أداء الوظيفة الأولى للمسجد الحرام وهو الطواف والسعي.. والله ولي التوفيق.
صحيفة مكة 1437/8/9هـ