2030 تعيد الحياة إلى مطار مكة
مطار مكة المكرمة الدولي، موضوع جدلي طرح للنقاش مرات عديدة في مجلس الشورى وبعض الهيئات، وتناولته الصحف في عدة مقالات، تباينت فيها الآراء وتساوت الحجج، فتقرر بناء مطار جديد بجدة في نفس المكان ويحمل نفس الاسم (مطار الملك عبدالعزيز الدولي).
لكن هناك شيء جدّ في الموضوع، فأعاد للفكرة الحياة مجددا من وجهة نظري وهي رؤية المملكة 2030.
بدعوة كريمة من الغرفة التجارية بمكة المكرمة وبحضور مستشار أمير منطقة مكة والمشرف العام على وكالة الإمارة للتنمية، شاركت في مناقشة خارطة طريق تفصيلية للطاقات الاستيعابية والخدمات والمرافق لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 والمتعلقة بمجالي الحج والعمرة.
في هذا المقال سوف أكرر ما ذكرته في ورشة العمل تلك لكن بإسهاب، معتمدا على لغة الأرقام الصادرة من إحصائيات رسمية، محاولا تفادي الجدل الذي لا مفر منه في اعتقادي وخصوصا في هذه القضية.
رؤية المملكة 2030 تطمح أن يصل عدد المعتمرين إلى 30 مليونا وعدد الحجاج 6 ملايين، ولتحويل هذا الرقم إلى لغة الطيران، يتوجب علينا أولا معرفة نسبة الحجاج والمعتمرين الذين يستخدمون النقل الجوي للوصول إلى الديار المقدسة، النسبة هي 96%، ولتسهيل الموضوع سوف نفترض أن العدد الذي سوف يستخدم النقل الجوي في عام 2030 هو 35 مليونا ما بين حاج ومعتمر، يترجم هذا الرقم إلى 70 مليون مسافر في عالم الطيران، وهو عدد يمثل المسافرين من فئة المعتمرين والحجاج فقط، لكن هناك أيضا أرقام أخرى تضاهي هذا الرقم، وهي أعداد المسافرين (المواطنين والمقيمين والزوار) والذي يقدر حاليا ما بين مطار جدة والمدينة بـ28 مليون مسافر حسب إحصائية عام 2015 بعد خصم عدد المسافرين المعتمرين والحجاج.
فلو افترضنا ثبات نسبة النمو في عدد المسافرين والتي تقدر بـ 7.3%، وبافتراض نسبة بسيطة في زيادة العدد السكاني، فسوف نصل في عام 2030م إلى 72 مليون مسافر تقريبا هم من فئة المواطنين والمقيمين والزوار.
وبالنظر إلى رؤية 2030 مرة أخرى، نجد أيضا عاملا آخر يدعم الفكرة وهو زيادة عدد السياح في المملكة، إذ إن العدد المستهدف في عام 2020 هو 81 مليون سائح، ولعدم وجود رقم مستهدف لعام 2030 سوف أفترض متشائما عدد 100 مليون سائح، وسوف أفترض أيضا أن حصة منطقتي (مكة المكرمة والمدينة المنورة) من سوق السياحة في المملكة هي 30%، أي 30 مليون سائح وبلغة الطيران 60 مليون مسافر.
المحصلة النهائية 70 مليونا (عمرة وحج)، 72 مليونا (مواطنون ومقيمون وزوار)، 60 مليون سائح، فالمجموع هو 202 مليون مسافر، يتوزعون على ثلاثة مطارات جدة والمدينة المنورة والطائف، وإذا علمنا أن الطاقة الاستيعابية لمطار الملك عبدالعزيز الجديد هي 80 مليون مسافر، و40 مليونا لمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الجديد، و6 ملايين لمطار الطائف، فالمجموع هو 126 مليون مسافر.
من هنا نجد أن مطار مكة المكرمة الدولي، تحول من حلم إلى ضرورة تحقق رؤية طموحة تخرج المملكة من ضيق دائرة النفط إلى رحابة الأسواق الأخرى. وإضافة إلى كل ما سبق، فإن المطار سوف يخدم كلا من: المجتمع المكي الذي وصل تعداده 1.67 مليون نسمة، وجميع الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية التي تنتقل إلى مدينة مكة المكرمة في شهري رمضان والحج.
أما عن الأسباب التي جعلت هيئة الطيران المدني ترفض الفكرة، فيمكن الرد عليها على النحو التالي:
السبب الأول: عدم وجود منطقة تصلح للمطار أو لبعد المناطق المناسبة.
فقد تكفل مجلس الشورى عام 1431هـ بالرد، وتم إيجاد منطقتين لصيقتين بمدينة مكة المكرمة، الأولى في الجموم وهي المناسبة من وجهة نظري، وذلك من رحابة المكان وفرصة جيدة لإحياء المنطقة وازدهارها،
والمنطقة الأخرى في الشميسي والتي لا أراها جيدة بسبب ازدحام المنطقة، من شركات نقل ونقاط تفتيش ومركز إيواء، وللحد من توسع مدينة مكة غربا، إضافة إلى ازدحام الطريق السريع حاليا.
السبب الثاني: تضاريس مكة المكرمة.
لا أعتقد أن تضاريس مكة المكرمة أشد تعقيدا من تضاريس أبها والباحة.
السبب الثالث: مطار جدة.
بداية المقال تم التطرق إلى الطاقة الاستيعابية والأرقام المتوقعة هذه من ناحية، أما من الناحية الأخرى وهو الذي فهمته من السبب الأول والثالث، أنه ليس من الصحيح أن ننشئ مطارا دوليا بجوار مطار دولي آخر، فتحدث الازدواجية وتنعدم الفائدة وتتبدد الموارد، هنا سوف يكون ردي بسيط ومختصر، ففي دولة الإمارات العربية المتحدة يوجد 4 مطارات دولية، الشارقة - دبي-مكتوم (جبل علي) - أبوظبي، متوسط المسافة بين كل مطارين 60 كلم وأقلها 24 كلم بين مطاري دبي والشارقة.
وفي نهاية المقال أود أن أشير إلى نقطة وأقترح أخرى:
أشير إلى أنني قد أهملت عاملا مهما آخر له تأثير قوي وداعم للفكرة، وهو حركة الشحن الجوي، إذ سوف تؤثر أيضا في الطاقة الاستيعابية لمطار الملك عبدالعزيز بجدة، خصوصا أن حركة الشحن الجوي سوف تشهد ازديادا ونموا تماشيا مع رؤية المملكة 2030.
أقترح إن كنا لا نرغب بإنشاء مطار في مدينة مكة المكرمة، أن نعيد النظر في مطار الطائف، بحيث تصل الطاقة الاستيعابية له على أقل تقدير 40 مليون مسافر، وأن يتم ربطه بمدينة مكة المكرمة بقطار.
المصدر : صحيفة مكة 1437/12/2هـ