مطار مكة
لعل الأمر الكريم بالتوسع في أعداد الحجاج والمعتمرين بدءا من العام القادم، يعيدنا إلى التفكير بجدية في ميناء جوي لمكة المكرمة، الجميع يعرف أن أكثر من 90% من زوار المملكة يأتون للحج والعمرة، وأن أكثر من 90% من هؤلاء يذهبون للمدينة المنورة للزيارة، مطار بمكة سيقلل كثيرا من الجهد والوقت المبذول لخدمة الحجاج، وليس مطارا فقط بل المفترض جملة استثمارات واسعة في المدينتين المقدستين وما جاورهما كجدة والطائف، بدءا من إنشاء مطارات كبرى حديثة في كل من مكة والمدينة وجدة والطائف، انتهاء بتقديم كافة الخدمات اللوجستية لهذه الأعداد الضخمة من الحجاج والمعتمرين،
وبالطبع دعم البنى التحتية لهذه المدن الأربع وما حولها من قرى لدعم قدرة المدن الخدمية.
إذا تعذر إنشاء مطار لمكة، مع أن مدنا جبلية عدة لديها مطارات، وهي المدينة المشهورة بتكسير جبالها، علينا التوسع في المطارات القائمة، لا أعلم الطاقة الاستيعابية لمطار جدة القادم، لكني أعرف أن خططه وضعت قبل فترة، وأخشى أن تتكرر مأساة المطار الحالي الذي تأخر تنفيذه المعتمد على توصيل الركاب إلى الطائرات بحافلات، فلما بدأ تشغيله كانت فكرة الحافلات قد أصبحت تاريخا في عالم المطارات، ومن العجب أنه خدم 31 مليون مسافر العام الماضي، مؤكدا أن ذلك أثر على جودة الخدمة المقدمة. الأفضل أن يكون بجدة مطاران، كثير من مدن العالم بها أكثر من مطار اعتمادا على المكانة السياحية أو المالية، أو كلاهما كما في حالة جدة. مطار المدينة للتو أعيد تنظيمه، وآمل التفكير بتوسعته ليستوعب حجم الزوار وليكون رديفا لمطار جدة، أما مطار الطائف فهو صغير، برغم أنه يمكن أن يقوم بدور أكبر للتخفيف عن مطاري المدينة وجدة.
من الأمور المحورية أيضا، لمواجهة أعداد القادمين، تنويع شبكة المواصلات بين هذه المدن وداخلها، قامت الدولة مشكورة بإنشاء قطار المشاعر وقطار الحرمين، تبقى خدمة المترو وتنظيم أمر المواصلات العامة كالحافلات وسيارات الأجرة، وبالطبع تطوير شبكة الشوارع داخل وحول كل مدينة من مدن الحج المباشرة، بالقطع أتمنى أن تنتشر شبكة القطارات لربط أطراف المملكة خدمة للحجاج والمعتمرين والمواطنين وتشجيعا للسياحة الداخلية.
هذه مشاريع عملاقة تحتاج رساميل ضخمة، ليس بالضرورة أن تقوم بها الدولة، بل من المفيد أن يقوم بها القطاع الخاص، هنا يأتي دور توجيه الاستثمار، وهي مشاريع ربحية، بل تكاد تمول نفسها مع الزمن. إذا تمكن قطاعنا الخاص من القيام ببعضها سواء عن طريق تكتلات داخلية أو خارجية فنعما هي، أو أن يكون لهيئة الاستثمار العامة دور حيث العائد المتوقع مرتفع للبلد وللمستثمر، أو أن يفتح الباب للاستثمارات العالمية.
كلما يأتي ذكر الخصخصة، ونحن الآن مقدمون عليها بقوة، أميل للتذكير بأهمية تقنينها، لابد من وضع أنظمة توفر شروطها المعمول بها عالميا، لتهذيب وتشذيب شراهة المستثمر كيلا يصبح الحاج أو المعتمر أو حتى المواطن العادي فريسة للأطماع المواكبة دوما للخصخصة.
عكاظ 1438/5/7هـ