مكتبة الحرم كنوز مهجورة
قبل سنوات مضت زرت مكتبة الحرم المكي الشريف حينما كانت بمبنى مستأجر في شارع المنصور، بهدف إعداد تقرير إعلامي عنها ـ نشر لاحقا بمجلة التضامن الإسلامي ـ الحج والعمرة، حاليا، ووقفت يومها أمام معلومات غزيرة وكتب قيمة لم أكن أتوقع رؤيتها أو ملامسة صفحاتها وليس أغلفتها.
وبعد تلك السنين وانتقال المكتبة إلى موقعها الحالي بالعزيزية شارع عبدالله خياط، أوقفتني لوحة إرشادية لموقعها فدلفت إليها كزائر لا يسعى للقراء ولا للكتابة هذه المرة، بقدر سعيه للاطلاع على المكتبة وما شهدته من أعمال تطويرية. وبعيدا عن نظرات العاملين بها أخذت جانبا بعيدا متذكرا ما سجله قلمي عنها وعن محتوياتها قبل سنوات مضت، لا مقارنا بين أعداد الكتب والزوار، بل مشاهدا للتطورات التقنية والخدمية التي تم إدخالها للمكتبة، والترتيب والتنظيم الجيدين، لتمكين الزائر من الحصول على مبتغاه بسهولة ويسر. وما أراه اليوم من تطور تدعيم للكتب والإصدارات وتنظيم وترتيب لسهولة حصول المستفيد على المعلومة.
وبين زيارة سابقة وأخرى لاحقة تذكرت ما قرأته عن نشأة المكتبة حينما «أمر الخليفة العباسي محمد المهدي في عام 160هــ ببناء قبة في المسجد الحرام لحفظ المصاحف والمخطوطات والكتب العلمية»، لتنطلق منها نواة أقدم المكتبات في العالم الإسلامي.
والمكتبة التي تحتوي على خمسة عشر قسما، تضم بين جنباتها نحو 150 ألف عنوان تبحث عن قراء لها، و6500 مخطوطة، بحاجة إلى تحقيق، من متخصصين ليرفدوها بإصداراتهم الموثقة لهذه المخطوطات.
ولعل من أبرز الصور وأكثرها جمالا داخل أروقة المكتبة أن العاملين يستقبلون الزوار بلغة مقرونة بابتسامة، ويسعون لخدمتهم واستخراج المصادر والمراجع التي يحتاجونها.
ومثل هذه الخطوة التي تمثل البوابة الأولى لرضا المستفيد، هو ما نبحث عنه خاصة أن المكتبات باتت خالية من الرواد، والكتب كساها الغبار من غياب القراء.
وبين نظرة هنا وأخرى هناك أوقفني قسم المخطوطات بمحتوياته القيمة وخدماته الراقية، وسألت حالي كما يسأل الحيران نفسه: أين هم المحققون المتخصصون عن هذه المخطوطات؟ لماذا لم تصل أيديهم إليها؟ أليس في محتوياتها معلومات قيمة تستحق التحقيق؟
وشد بعض الباحثين رحالهم صوب بعض الدول العربية أو الأوروبية، لشهرة مكتباتها الكبرى، لا يغني عن محتويات مكتبة الحرم المكي الشريف، فهي غنية بمراجع ومصادر علمية وفكرية، لكن الباحثين والباحثات بعيدون عنها.
وما تحتاجه مكتبة الحرم المكي الشريف، بعد تطورها التقني، وخدماتها الراقية للزوار، أن يقصدها باحثو المعرفة، وراغبو العلم، لإزالة غبار البعد عن محتوياتها، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تنظيم رحلات مدرسية لها، تنظمها مدارس التعليم العام لإطلاع الناشئة على كنوز المكتبة الغائبة، وحثهم على القراءة والاطلاع في بداية حياتهم.
وإن كانت القراءة صعبة المنال لمثل هؤلاء الناشئة، ولا يملكون الرغبة نحوها، فهذا جناح الحرمين الشريفين يعرض كل ما له علاقة بالحرمين الشريفين من صور قديمة أو حديثة وخرائط وكتب وصور مخطوطات للمطالعين والزوار.
قلة الوعي بأهمية القراءة، والنظرة القاصرة لأهمية المكتبات في تكوين ثقافة معرفية، تؤديان لغياب المكتبات العامة عن أداء دورها الأساسي.
فلنجعل للقراءة وقتا من أوقاتنا المهدرة فيما لا يفيد.
مكة 1439/2/19هـ
وبعد تلك السنين وانتقال المكتبة إلى موقعها الحالي بالعزيزية شارع عبدالله خياط، أوقفتني لوحة إرشادية لموقعها فدلفت إليها كزائر لا يسعى للقراء ولا للكتابة هذه المرة، بقدر سعيه للاطلاع على المكتبة وما شهدته من أعمال تطويرية. وبعيدا عن نظرات العاملين بها أخذت جانبا بعيدا متذكرا ما سجله قلمي عنها وعن محتوياتها قبل سنوات مضت، لا مقارنا بين أعداد الكتب والزوار، بل مشاهدا للتطورات التقنية والخدمية التي تم إدخالها للمكتبة، والترتيب والتنظيم الجيدين، لتمكين الزائر من الحصول على مبتغاه بسهولة ويسر. وما أراه اليوم من تطور تدعيم للكتب والإصدارات وتنظيم وترتيب لسهولة حصول المستفيد على المعلومة.
وبين زيارة سابقة وأخرى لاحقة تذكرت ما قرأته عن نشأة المكتبة حينما «أمر الخليفة العباسي محمد المهدي في عام 160هــ ببناء قبة في المسجد الحرام لحفظ المصاحف والمخطوطات والكتب العلمية»، لتنطلق منها نواة أقدم المكتبات في العالم الإسلامي.
والمكتبة التي تحتوي على خمسة عشر قسما، تضم بين جنباتها نحو 150 ألف عنوان تبحث عن قراء لها، و6500 مخطوطة، بحاجة إلى تحقيق، من متخصصين ليرفدوها بإصداراتهم الموثقة لهذه المخطوطات.
ولعل من أبرز الصور وأكثرها جمالا داخل أروقة المكتبة أن العاملين يستقبلون الزوار بلغة مقرونة بابتسامة، ويسعون لخدمتهم واستخراج المصادر والمراجع التي يحتاجونها.
ومثل هذه الخطوة التي تمثل البوابة الأولى لرضا المستفيد، هو ما نبحث عنه خاصة أن المكتبات باتت خالية من الرواد، والكتب كساها الغبار من غياب القراء.
وبين نظرة هنا وأخرى هناك أوقفني قسم المخطوطات بمحتوياته القيمة وخدماته الراقية، وسألت حالي كما يسأل الحيران نفسه: أين هم المحققون المتخصصون عن هذه المخطوطات؟ لماذا لم تصل أيديهم إليها؟ أليس في محتوياتها معلومات قيمة تستحق التحقيق؟
وشد بعض الباحثين رحالهم صوب بعض الدول العربية أو الأوروبية، لشهرة مكتباتها الكبرى، لا يغني عن محتويات مكتبة الحرم المكي الشريف، فهي غنية بمراجع ومصادر علمية وفكرية، لكن الباحثين والباحثات بعيدون عنها.
وما تحتاجه مكتبة الحرم المكي الشريف، بعد تطورها التقني، وخدماتها الراقية للزوار، أن يقصدها باحثو المعرفة، وراغبو العلم، لإزالة غبار البعد عن محتوياتها، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تنظيم رحلات مدرسية لها، تنظمها مدارس التعليم العام لإطلاع الناشئة على كنوز المكتبة الغائبة، وحثهم على القراءة والاطلاع في بداية حياتهم.
وإن كانت القراءة صعبة المنال لمثل هؤلاء الناشئة، ولا يملكون الرغبة نحوها، فهذا جناح الحرمين الشريفين يعرض كل ما له علاقة بالحرمين الشريفين من صور قديمة أو حديثة وخرائط وكتب وصور مخطوطات للمطالعين والزوار.
قلة الوعي بأهمية القراءة، والنظرة القاصرة لأهمية المكتبات في تكوين ثقافة معرفية، تؤديان لغياب المكتبات العامة عن أداء دورها الأساسي.
فلنجعل للقراءة وقتا من أوقاتنا المهدرة فيما لا يفيد.
مكة 1439/2/19هـ