المؤسسون للاتصالات
بوفاة الشيخ رشاد علي زبيدي يُسدل الستار على آخر أسرة المؤسسين للاتصالات البرق والبريد والهاتف واللاسلكي من أوائل الستينات الهجرية فترة وزارة الأميرطلال بن عبدالعزيز حتى وزارة الشيخ محمد عمر توفيق رحمهم الله، ومنهم والدي الشيخ محمد عبدالإله الحسيني رحمه الله الذي توفي في 1408/5/5هـ ، وأذكر من زملائه الذين رأيت أكثرهم: عبدالله كاظم، وإبراهيم زارع، وإبراهيم سلسلة، ومحسون حسين، وأحمد زيدان، وأنور بحري، وعمر عراقي، وعبدالله ومحمد باحنشل، وجعفر ثابت، وحسن قاضي، ومحمود عقاد، وعبدالملك خان، ومحمد كريمة، وعبداللطيف بنجابي، وسعيد عالم،وعبدالله طيب ، وكان أكثرهم في المرتبة الثانية على النظام القديم، ويطلق عليهم تقديرًا، محمد أفندي، وأحمد افندي وجعفر أفندي رحمهم الله. وربما لم أذكر اسم أو أكثر لعدم حضوره أثناء كتابة المقال.
كان الشيخ أحمد زيدان، وكيل الوزارة، المسؤول الأول بعد الوزير عن كل أعمال الوزارة تلك الفترة، وكان يتحدث أكثر من لغة، ويحضر مؤتمرات ولقاءات داخل المملكة وخارجها. وقد عشت أيام الشُعب البريدية، والشنطة الملكية التي كانت عبارة عن سيارة لوري تحمل مُحرك وأجهزة مبرقات يرافق بعضها الملك عبدالعزيز والملك سعود وبداية عهد الملك فيصل رحمهم الله في رحلاتهم بين المدن لإرسال واستقبال البرقيات، وتتواجد في المشاعر في عرفات ومنى. كما حدثني الوالد رحمه الله .
كما أذكر "بستان اللاسلكي" في منى وكان طوال العام يلتقي فيه كبار الموظفين قبل المغرب إلى ما بعد العشاء للنزهة، وكانت أشجار الليمون والجوافة والفل والورد ضمن ما هو موجود في البستان؟ كان المسؤول عنه شخص يدعى العقيلي، وفي أيام الحج يتحول إلى إدارة لمتابعة أعمال خدمة الحجاج برق وبريد وهاتف ولاسلكي، ومكان لعمل كبار المسؤولين في الوزارة، وقد شاهدت الوزير محمد عمر توفيق رحمه الله أكثر من مرة هناك يتفقد العمل، إذ كان المقر يضم عددًا من الغرف.
وكذا مقر الوزارة في عرفات واذكر ان سيارة الوالد في اول الثمانينات الهجرية كانت تحمل لوحتها عبارة وزارة المواصلات ٤٨ وفي ايام الحج تحمل لوحة كتب عليها الخاصة الملكية للدخول للمشاعر ومتابعة تشغيل الأجهزة خاصة الخاصة بالملك وولي العهد والأمراء ، ثم عاصرت صحفياً فترة وزارة معالي د علوي كيال الذي قفز بالأتصالات وادخل عليها ماعمل على تحويلها الى اجهزة تدار بمواصفات متقدمة الى جانب تخصيص مقار في كل مدن المملكة ودخول الهاتف الألي والتلكس والفاكس والأتصال الدولي والبيجر ثم الجوال وتطوير البريد الذي شهد فترة متقدمة عندمااسندت مسؤوليته الى معالي د محمد صالح بنتن، وخلال السنوات القريبة الماضية، رحل أحمد زيدان، وجعفر ثابت، واليوم يرحل آخر رجال تلك الفترة، رشاد زبيدي.
هذه ذكريات شهدتها وأنا في بداية حياتي مع والدي، اليوم يرحل آخر ذاك الجيل الذي حمل على عاتقه وضع اللبنات الأولى، إذ كنت أسمع من والدي ما بذلوه من جُهد في تأسيس المراكز اللاسلكية، وصيانتها في الباحة وبيشة وقلوة وعسير والرياض وحائل والطائف وغيرها، مع صعوبة الطُرق، وانعدام الإمكانيات، وقلة العائد المادي الذي كان بالقروش، حتى استقر في مكة المكرمة، وأمضى فيها بقية عمله الوظيفي إلى تقاعده. وكنت أسمع بعض القصص من والدتي رحمها الله التي شاركته بعض هذه الظروف ذاك الجيل الذي قدم شبابه وأكثر سنوات حياته لخدمة الوطن.
*تربوي واعلامي