بين قهوة عبدالحي وأدبي مكة
قبل أن تشهد وسائل الإعلام تطورها الحالي، وتظهر وسائل الاتصال بما نراه من تطورات تكنولوجية، كانت الأحاديث واللقاءات بين الأفراد تجري بشكل مباشر يوميا أو أسبوعيا، فلم تكن المسافات الفاصلة بينهم عائقا، مما جعل لغة الحوار تتواصل وترتقي، فارتقت الثقافات بين الأفراد.
ونقلت مراجع تاريخ الأدب السعودي، عن الرعيل الأول من الأدباء والمثقفين تواصلهم ولقاءاتهم في قهوة عبدالحي بحي المسفلة بالقرب من بركة «ماجن»، والتي شكلت أول منتدى أدبي وثقافي لهم، يناقشون فيه القضايا الأدبية والفكرية، وكان من أشهر مرتاديه الأساتذة: عبدا عريف، محمد حسين زيدان، عبدالرزاق بليلة، وغيرهم رحمهم ا جميعا، واستطاعوا بإمكاناتهم المتواضعة الاستفادة من ثقافات الآخرين وتوظيفها لخدمة مجتمعهم، وكانت مجلتا المصور والهلال المصريتان، من أبرز المجلات الدورية التي يناقشون موضوعاتها لما تحويه من قضايا ثقافية، وقصائد شعرية وحوارات فكرية.
وإن كانت قهوة عبدالحي غدت من الماضي، فإن الأمل أن يسعى نادي مكة الثقافي الأدبي إلى إعادة ما كان يدور من نقاشات وحوارات أدبية وثقافية، وألا يحصر نشاطه في أسماء محددة من أعضاء الجمعية العمومية أصحاب النفوذ الذين نراهم تارة يحاضرون، وتارة يديرون أمسيات، مما انعكس سلبا على النادي وفقد رواده ومتابعيه، فتفوقت المجالس والمنتديات الأدبية الخاصة بحضور مميز نتيجة لطرحها الجيد للقضايا، وتنوع المحاضرون وتعددت تخصصاتهم.
وتراجع النادي وبعده عن المجتمع برزا واضحين في تعثر اكتمال مبناه الواقع على الطريق الدائري الثالث منذ سنوات، فلم يعد ذلك النادي الذي كانت أمسياته وندواته تعقد أسبوعيا وتحظى بمتابعة واهتمام كبيرين من قبل أفراد المجتمع بكل شرائحهم، ومحاضراته تخضع لاختيار دقيق يعتمد على عنوانها واسم المحاضر، ولم يكن للمجاملة وجود مما أكسبه ثقة مرتاديه، خاصة القادمين من خارج مكة المكرمة.
وإن انبرى قائل بأن هناك عزوفا عن حضور فعاليات وأنشطة الأندية الأدبية نتيجة لوجود وسائل التواصل الاجتماعي، فإن كانت هذه المقولة تحوي شيئا من الحقيقة لكنها لا تعني الحقيقة كاملة، فها هو نادي جدة الأدبي نوع أنشطته، فاستقبل أعضاء الاتحاد العربي للثقافة الرياضية، وذلك أثناء انعقاد اجتماعاتهم في جدة، ونظم ملتقى النص في دورته الـ16 ،وكرم الدكتور عبدا الغذامي، وظهر الحضور بشكل جيد.
في حين أن نادي مكة الثقافي الأدبي ابتعدت قيادته حتى عن المشاركة في افتتاح الأنشطة والفعاليات داخل أروقته، والتي كان آخرها دورة العلاقات العامة والإعلام والإلقاء التي نظمت بالتعاون مع جمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة، ضمن فعاليات برنامج مشروع إمارة منطقة مكة المكرمة (كيف نكون قدوة بلغة القرآن الكريم؟)، فلم يحضر رئيس النادي ولا المسؤول المالي، ولا المشرف على الدورة افتتاح فعالياتها أو اختتام نشاطها وتم إسناد المهمة كاملة لسكرتير النادي!
فإن كانت إدارة النادي غير مقتنعة بالدورة أو المشاركين بها، فكان حريا بها الاعتذار عن تنظيمها لعدم قناعتها لا أن تسند مهام افتتاحها وختامها لسكرتير النادي!
وكيف يمكن للجمهور التواصل مع النادي إن كانت إدارته لا تشارك في افتتاح نشاط داخل أروقته ؟
نقلا عن صحيفة مكة