حلوى الرواس في بيتنا

حلوى الرواس في بيتنا

خالد محمد الحسيني
————
لا زالت ذكرى  "كيس" الحلويات المنوّعة التي كان العزيز الصديق الغالي عبدالله محمد رواس يحملها لبناتي عندما يزور بيتنا في مكة، قبل سنوات ويحرص عليها، ذكرتني به اليوم ابنتي د. فاطمة عندما علِمتْ بخبر رحيل العم عبدالله -كما يطلقون عليه- وهي تقدم لي العزاء لعلمهم بصداقتي القديمة معه قبل حضورهم للدنيا، وكذا محمد وأشرف وهم يتناولون منه هداياه، ولازالوا يتذكرون العم الرواس وهو يحمل مجموعة حلويات وهدايا عندما يحضر إلينا سواء في مجلس "رمضان" أو زياراته الدائمة لنا.

رحل اليوم. عبدالله أحد أشهر رجال الإعلام والثقافة والأدب من أبناء مكة المكرمة التي يعتز بها ويُفاخر. رحل عبدالله بعد معاناة طويلة في السنوات الأخيرة مع العديد من الأمراض وظل صابراً مُحتسباً يُعاني ورغم هذا يتواصل مع أصدقائه وكل من يعرف هاتفياً وعبر الرسائل ويُعلق ويكتب بأسلوبه المميز الجميل. كانت آخر مكالمة له الأربعاء الماضي وشعرت بألمه وهو يتحدث معي، وكنا وهاني ابن شقيقه نتواصل لنقله لمستشفى متخصص، وتم نقله لمستشفى في جدة، واشتدت معاناته الخميس والجمعة، وانتقل إلى رحمة الله صباح اليوم السبت.

عندما نقل لي هاني الخبر الذي ربما توقعته من مساء أمس، عادت صورة ذكريات النصف قرن، عُمر صداقتي مع عبدالله رواس في مكة وجدة وفي أكثر من مناسبة ولقاء وتواصل، وفور نشري للخبر عبر الواتس أب وتويتر تواصل معي عدد كبير من أصدقائه ومعارفه، نثروا عنه الكثير مما عُرف به من صفات وعن علاقته القديمة بالتلفزيون والعمل الثقافي واهتمامه الدائم بالكتاب والقراءة والعمل التراثي والعادات القديمة. تتزاحم الأفكار والمعلومات في ذهني عن عبدالله رواس المثقف والإذاعي والوجه التلفزيوني، وراصد اللقاءات الشعبية والجلسات الفنية لقدامى أصحاب الفن الشعبي في الحجاز ومرجع الأحاديث عن أحياء مكة وتفاصيل رجالها ومنطقة الحرم التي ولد وعاش فيها. كان صاحب أرشيف ذهني كبير في مختلف روافد الحياة، ويمتلك مكتبة كبيرة تضم آلاف العناوين المختلفة، وتذكرت أيضًا مجلسنا اليومي في مقهى الشربيني في مكة الذي يحرص الرواس على حضوره من جدة، وكان يُرافقه في بعض المرات عصام رواس رحمه الله ابن شقيقه، ومجلسنا في صالون الثلوثية في جدة وغيرهما.

اليوم يستقبل ثرى مكة الطاهر عبدالله رواس الذي أحبها وبقي سنوات عُمره يتحدث عنها بطريقته الخاصة التي عرفها أصدقائه. اليوم يودع آل الرواس أحد أفراد الأسرة الذي عُرف بقربه منهم وشهدنا هذا منذ أن عرفت عبدالله 1390هـ. العزاء لهم ولنا وكل من عرف عبدالله رواس الذي عاش سنوات متواصلاً مع الناس مؤدياً للواجب مُشاركاً في مناسباتهم مهما كلفه ذلك من مشقة. اليوم يغيب الرواس عن أصدقائه وأقاربه وكل من عرفه تاركاً مواقف وأحاديث وذكريات وتاريخ سيظل في ذاكرة كل من عرفه. وداعاً عبدالله.