نجاح عشري.. من جامعة «المؤسس» إلى «كاوست»

الدكتورةُ «نجاح يوسف عشري»، التِي لقيتْ ربَّهَا قبلَ أيَّامٍ، تُعدُّ إحدَى القياداتِ التِي خدمتْ إداريًّا وعلميًّا في جامعةِ الملكِ عبدالعزيز، والتِي تمَّ استقطابهَا بعدَ ذلكَ لتعملَ فِي جامعةِ الملكِ عبدالله للعلومِ والتقنيةِ (كاوست) فِي بدايةِ نشأةِ الجامعةِ كوكيلٍ مساعدٍ، ثمَّ تدرَّجتْ إلى أنْ أصبحتْ نائبَ الرَّئيسِ، وتُعدُّ -رحمَهَا اللهُ تعالَى- مِن القدراتِ النسائيَّةِ المميِّزةِ فِي العطاءِ الإداريِّ، وتجربتهَا سنواتٍ فِي جامعةِ المؤسِّسِ متنقِّلةً بينَ كونِهَا رئيسةَ قسمِ المحاسبةِ، ومسؤولةً عَن القبولِ والتَّسجيلِ فِي شطرِ الطَّالباتِ ومركزِ تقنيةِ المعلوماتِ، وتُوِّج عملهَا الإداريُّ في جامعةِ المؤسِّسِ كعميدةٍ لشطرِ الطَّالباتِ، ذلكَ العملُ وتلكَ الخبرةُ الإداريَّةُ هيَّأهَا أنْ تُختارَ لتكونَ وكيلًا مساعدًا فِي جامعةِ كاوست، والمشاركةَ الفاعلةَ فِي الجامعةِ، بلْ من الأعضاءِ المؤسِّسينَ للجامعةِ، حيثُ بدأتْ عملَهَا في عامِ 2008 في جامعةِ كاوست، وشاركتْ معَ الفريقِ القياديِّ فِي الجامعةِ فِي وضعِ الرؤيةِ والخططِ الإستراتيجيَّةِ لشؤونِ الدَّارسِينَ شاملةً نواحِيَ متعدِّدةً مِن ذلكَ القبولِ والتسجيلِ وشؤونِ الطُّلابِ، وبرامجِ المنحِ الدراسيَّةِ والمسؤوليَّةِ الاجتماعيَّةِ ورعايةِ الموهوبِينَ والإبداعِ الفكريِّ والبحثيِّ، وقد استفادتْ منهَا الجامعةُ فِي ذلكَ كثيرًا، بمَا كانَ لهَا مِن سابقِ خبرةٍ فِي جامعةِ الملكِ عبدالعزيز التِي قضتْ فيهَا سنواتٍ، حيثُ تعيَّنت بهَا كمحاضرٍ بعدَ حصولِهَا علَى الماجستيرِ فِي إدارةِ الأعمالِ، وتدرَّجتْ فِي مسؤوليَّاتِهَا إلى أنْ أصبحتْ عميدةً.

لقد تميزت الدكتورة -رحمها الله- بتنوع دراستها، فقد حصلت على البكالوريس في مجال الحاسب الآلي من أمريكا، ثم الماجستير في الإدارة، والدكتوراة من جامعة برادفورد في بريطانيا في نظم المعلومات الإدارية، وعينت في جامعة الملك عبدالعزيز كأستاذ مساعد في كلية الاقتصاد والإدارة، فهي بذلك جمعت بين شهادات متعددة وخبرات متنوعة فكانت ثمرة يانعة استفادت منها جامعة كاوست.

لقدْ استمعتُ للدكتورةِ فِي إحدَى محاضراتِهَا عَن الإبداعِ وطريقةِ تميُّزِ بعضِ الجامعاتِ العالميَّةِ، مِن خلالِ الرقيِّ بهَا بحثًا وإبداعًا، وتعضيدهَا للمفكِّرِينَ والمبدعِينَ والباحثِينَ، فكانتْ متميِّزةً فِي طرحِ أفكارِهَا وعميقةً فِي تحديدِ مؤشراتِ نجاحِ تلكَ الجامعاتِ العالميَّةِ.

إنَّ جامعةَ «كاوست» اليومَ تُعدُّ منارةً بحثيَّةً، وهدفًا يقصدهُ مَن يريدُ أنْ يتميَّزَ خاصَّةً أنَّهَا تحظَى بدعمِ الدولةِ لهَا، وتيسيرِ الأُمورِ البحثيَّةِ لطلابِ الدراساتِ العُليا، والدَّور الذِي لعبتهُ الدكتورةُ نجاح فِي إنجاحِ الجامعةِ كبيرٌ وواضحٌ، فرحمهَا اللهُ رحمةً واسعةً علَى مَا قدَّمتهُ مِن جهودٍ فِي كلٍّ مِن جامعةِ الملكِ عبدالعزيز، وجامعةِ الملكِ عبدالله للعلومِ والتقنيةِ، وأقترحُ بهذَا الخصوصِ علَى جامعةِ الملكِ عبدالله للعلومِ والتقنيةِ -بمَا أنَّهَا مِن المؤسِّسِينَ فِي إدارةِ الجامعةِ- أنْ يترسَّم اسمُ الدكتورةِ علَى إحدَى قاعاتِ الجامعةِ، فهِي أهلٌ لذلكَ، وأخيرًا هناكَ الكثيرُ الذِي يمكنُ ذكرهُ عَن سيرةِ الدكتورةِ فِي تعاملِهَا وأخلاقِهَا وتواضعِهَا وسموِّ أدبِهَا ومشاركاتِهَا، ومَا حصلتْ عليهِ مِن جوائزَ وحضورِهَا اللقاءاتِ العلميَّةِ داخلَ المملكةِ وخارجهَا، لكنَّ المساحةَ للمقالِ محدَّدةٌ. أدعُو اللهَ -سبحانَهُ وتعالَى- أنْ يكونَ ذلكَ العطاءُ كلُّه حسناتٍ فِي سجِّلِ أعمالِهَا، وعزاؤنَا لأهلِهَا، ولزوجِهَا زميلِنَا الدكتورِ أحمد مال، وذريَّتِهَا، وجميعِ زملائِها فِي جامعتَي المؤسِّس وكاوست.. «إنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ».
نقلا عن جريدة المدينة 2 محرم 1446هـ