حول مسميات بعض الأحياء المكية القديمة 2-1

ارتبطت مكة المكرمة بالحج والحجاج منذ أن أذن أبونا وسيدنا النبي الرسول ابراهيم عليه السلام في الناس بالحج بأمر من ربه عز وجل، فوصلت دعوته إلى الناس فجاؤوا الى مكة رجالا أي راجلين، أو على ظهور الضوامر البطون من الخيل أو الإبل، ومن كل فج عميق، فسبحان من سهل للنبي الرسول ابراهيم إبلاغ الناس في زمن لا توجد فيه أدنى وسائل الاتصالات التي لم تصبح معروفة إلا من خلال عشرات السنوات الأخيرة من هاتف وتلغراف وفاكسات ونحوها من الوسائل الحديثة مضافا إليها ما استحدث من وسائل المواصلات وفي مقدمتها الطائرات والسيارات والقطارات والسفن المستغنية عن الأشرعة وحركة الرياح!.

وقد تأملت في بعض أسماء أحياء أم القرى القديمة نسبيا وسألت عن تلك الأسماء فقيل لي إن بعضها ارتبط بمن كانوا ينزلونها من الحجاج قبل نحو مائتي عام وأكثر، فعلى سبيل المثال: هذا حي الشامية، سمي بهذا الاسم لأن القادمين من حجاج بلاد الشام أي من سوريا ولبنان كانوا ينزلون بهذا الحي المجاور للحرم الشريف فأخذ اسمه من نزلائه من الحجاج، بل ان بعض أسره الاصيلة التي لها عشرات السنوات تعود اصولها الى بلاد الشام، وفهمت مما قيل إن حي الغزة ارتبط بنزول حجاج فلسطين وأكثرهم من مدينة غزة التي يحاول اليهود الآن جعلها بديلا لفلسطين كلها بقولهم: غزة أولا وأخيرا!.

فلما تم تداول الاسم نسبة لمن نزل في ذلك الحي القريب أيضا من الحرم أضيف إليه في ما بعد « الـ» التعريف فأصبح الغزة شارعا وحيا وسوقا تجارية رائجة، بل إنه كان حتى عهد قريب أهم شارع تجاري في أم القرى على الاطلاق.

وهناك حي السليمانية وكان قد نزله الحجاج القادمون من افغانستان وما حولها فأخذ الحي اسم السليمانية لأنه كان يطلق على من تعود أصوله الى افغانستان لقب «سليماني» وهم يعتزون بنسبهم وأصولهم حتى الذين لهم عشرات السنوات في أم القرى، بل إنني سمعت من يتحدث عن أن المتمسكين منهم بعادات بلدهم في الأطعمة، كانوا يذبحون حتى عهد قريب في المناسبات الخاصة بهم، يذبحون «الحصان» ويوزعون لحمه على جميع سليمانية الحارة فقط لأن غيرهم ممن نزل حارتهم المنسوبة اليهم لا يأكلون لحوم الحصان مع أن لحمه حلال!.
وللمقال بقية