بعد مغادرة.. هاني

هذه المشاعر لك أيها العزيز الذي فاجأنا رحيلك فلازلنا نعيش لوعة الفراق المفاجئ.. لو كنت معنا يا هاني لرأيت أعداد المحبين لك.. لو كنت ترى وتسمع لشاهدت واستمعت لشاهدت الأعداد الكبيرة من أحبائك وأصدقائك وتلاميذك ولاستمعت إلى ما قالوا عنك.. كان ما يشبه المهرجان في المقابر وفي منزلك طوال أيام العزاء.. كأنك بينهم يحتفون بك.

هناك في المقابر انتظر الناس قبل ساعات قدومك إليهم وحملوك على أعناقهم وأكثرهم ذرف الدموع.. الكل حضر ليشهد وداعك ونظرتهم الأخيرة لك ، عدد من أصدقائك وقفوا يتقبلون العزاء فيك ، زملاؤك وأساتذتك في مراحل الدراسة وأصدقاؤك وجيرانك.. لو استمعت لما كانوا يتحدثون به عنك والصفات والذكريات والمواقف الجميلة لكنك كنت ذاك اليوم لا تسمع ما يقولون ولا تراهم وإن رأيتهم مرات طوال حياتك بادلتهم الحب والسؤال والأيام الجميلة بحضورك الذي يعرفه كل الناس.

كان هناك من حرص على الحضور وهو غير قادر لظروف العمر أو المرض وشاهدت من يبكي فراقك وليست بينك وبينه صلة قربى.. بل هو الحب الذي جمع بينك وبين الناس.. تذكرت يا هاني ونحن نواريك الثرى من سبقونا معك.. هنا فيصل عراقي وهناك سعيد بصيري وهنا الجفري وفي مكان آخر د. عصام قدس ونبيل قطب صديق عمرك والذين سبقوك إلى "المعلا" لكنك لحقتهم ونحن في أول عامنا الهجري لترتبط ذكرى رحيلك كعهدك تميل إلى أن تكون "متميزاً" وهو ما أراده الله لك.

لقد عرفت عنك الكثير بعد رحيلك من أفواه الناس رغم علاقتي الطويلة معك والتي زادت عن العقود الثلاثة.. آه يا صاحب القلب الكبير يا من لا خصومة لك مع أحد من الناس.. وفي منزلك وخلال أيام العزاء الذي أقيم في المكان الذي احتفلت فيه قبل سنوات بزفاف "ماجد" وعلى مدى الأيام الثلاثة لم ينقطع حضور الناس وأكثرهم جاء أكثر من مرة.. رأينا من لم نره من سنوات طويلة جاء به الحب والذكريات الجميلة من زملاء الدراسة والعمل الصحفي والإعلامي وقدامى الأصدقاء..

لقد كنت من أكثر الناس سعادة وأنا أستمع إلى الجميع يثنون عليك ويتحدثون عنك بأحاديث لم أسمعها وأكثرهم يذكر سؤالك عنهم حتى وأنت في خارج الوطن مرافقاً لابنتك وهناك من كان في زيارتك قبل دخولك المستشفى ومن كان معك في المستشفى قبل أن تدخل في مرحلة

"الوداع". وتألمت وأنا أستمع إلى شقيقك عدنان ينقل لي ما قلته له بعدم أخبار أصدقائك عندما دخلت إلى المستشفى حتى لا تسبب لهم إزعاجاً في الزيارة .. كم كنت كبيراً حتى في لحظات المرض يا هاني.

تذكرت الكثير من الذكريات في مكة ومنزلكم في الششة وفي الطائف وجدة والرياض ولنا فيها الكثير من الذكريات.. تذكرت همك الكبير مكة المكرمة وحرصك على خدمتها وتقديم جهدك وشبابك لها عبر الصحافة والإذاعة والتأليف والمحاضرات وبرامج التلفزيون وتوثيق ذلك وهو ما أعرف أنه موجود في مكتبتك ونقل لي أحد أصدقائك حرصك على طباعة آخر الكتب وأنت في المستشفى.

وأنا أودع ماجد بعد أن خلا المكان وأُطفئت الأنوار وغادر الجميع سألته عن أيامك الأخيرة فقال لقد أوصاني على المكتبة وأن أبقيها في المنزل لمن أراد أن يطلع.. حتى بعد موتك أردت أن لا ينقطع عطاؤك.. إن فراقك هو الألم الذي لا زال يتجرعه الجميع.. ثقتنا في الخالق كبيرة.. عوضنا الله فيك وعوض أبناءك ورفيقة دربك و"هاني" الحفيد الذي افتقدك كل خير.. مع السلامة يا حبيب الناس جميعاً ولن ننساك.. يا حبيب الناس.. كل الناس.

kh7199@hotmail.com

نشر هذا المقال بجريدة البلاد  بتاريخ 09-01-2009