العلمية تناقش الأسباب وليس النتيجة

ومن باب مطالبة الأستاذ الكاتب "عبد الله أبو السمح" للكتاب المنفعلين بأن يتعاطوا مع الأمور بعلمية أو يكونوا علميين، وهو يناقش الجدل القائم حول الآثار الموجودة في مكة المكرمة بين طالب العلم الذي أراد تسوية الآثار وتدميرها أو حجبها وبين كتاب يراهم "أبو السمح" انفعاليين هاجموا طالب العلم، ثم عرج على مسجد حديث بني في كورنيش جدة وتم إيهام الحجاج بأنه مسجد فاطمة الزهراء فأصبح الحجاج يأتون إليه ليتباركوا فيه، كدليل قاطع على أن ما ذهب إليه طالب العلم هو الصواب لحماية الناس من الدجالين .

من هذا الباب.. أعني من باب العلمية، يمكن لي القول: إن "أبو السمح" ناقش النتيجة أو المحصلة النهائية، وعلميا لا يمكن لك أن تناقش النتائج لتجد الحلول، فالعلم يخبرنا أنه علينا معرفة الأسباب لنعرف ما الذي ستنتجه هذه الأسباب .

بعبارة أوضح : لا يمكن لك أن تزرع بذرة تفاح وتنتظر أن تنتج برتقالا، فالنتيجة هي ثمرة ما زرعته، أو الأسباب هي من تعطيك أولئك الأشخاص الذين يصدقون أنه يمكن لجدار أو قبر حل مشاكلهم، كما فعل رجل حين تمسك بأحد القبور وراح يبكي ويتوسل لرأس ميت بأن يحل أزمته الاقتصادية ويسدد ديونه .

بمعنى أنك لتمنع التبرك بالقبور والآثار عليك أن تصنع عقولا لا تصدق أنه يمكن لميت أن يحل لك أزماتك الاقتصادية والاجتماعية والطبية، أو يمكن لمشعوذ أن يعطيك حجابا يحميك من العين والحسد والأعداء والحوادث المرورية .

بيد أنك إن مارست الوصاية على تلك العقول وقررت نيابة عنها ما الذي ينفعها وما الذي يضرها، وحجبت الآثار خوفا من أن يعبدها أحد، دون أن تبني لهذا الأحد ومنذ الصغر عقلا يساعده على فهم الأمور وتحليلها وتفسيرها، ستستمر هذه العقول عاجزة عن حماية نفسها حين يغيب الوصي عليها، ويمكن لمشعوذ يزعم أنه يعالج كل الأمراض أن يخدعها ويسرق أموالها، لدرجة أنه أصبح يملك قناة يعالج منها عبر الأثير أولئك السذج الذين مورست عليهم الوصاية منذ الصغر، فيحضر لهم أشخاصا دفع لهم أموالا ليؤكدوا أن هذا الشيخ المدعي والمشعوذ عالجهم من أمراض السرطان والإيدز والأمراض التي لا يعرف سببها العلم .

فيذهب له هؤلاء المساكين _ الذين مورست على عقولهم الوصاية _ بحثا عن حلول لأزماتهم المرضية بعيدا عن تلك المقابر والآثار التي كان يستغلها مشعوذ آخر كان يوهمهم بأنه يملك حلولا لكل أزماتهم بعد أن أغلقت أو تم تدميرها.

خلاصة ما أريد أن أقوله لطالب العلم الذي يمارس الوصاية و"أبو السمح" يتمثل في حكمة قديمة قالها حكيم في الصين قبل الميلاد "كونفشيوس"، إذ قال: الأبواب الجيدة لا تحتاج لأقفال، العقول كذلك.
S_ alturigee@yahoo.com

نشر هذا المقال بجريدة عكاظ بتاريخ 16/1/1430هـ