المطوفات

المطوفات جمع (مطوفة) وهي المرأة التي تقوم بعمل (الطوافة). أما (الطوافة) لمن لا يعرف فإنها «تعني المهنة التي يقوم بها الشخص الذي يستقبل الحجاج في مكة ويقوم على خدمتهم وإرشادهم إلى ما يتعلق بمناسك الحج».

وقد حمل إليّ البريد نسخة من كتاب صادر عن مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا يحمل عنواناً مثيراً (أعلام الطوافة: المطوفات)، والكتاب يُمثل جزءاً من سلسلة موسوعية متخصصة في الطوافة والمطوفين وهو من إعداد الأستاذة فاتن إبراهيم محمد حسين والدكتور مسعد محمد الديب وبإشراف الأستاذ عدنان محمد أمين كاتب رئيس مجلس إدارة المؤسسة. وقيمة الكتاب تتبلور في كونه يمثل أول دراسة تخصص للحديث عن (المطوفات) ودورهن الرائد في خدمة الحجيج، فهو يُعد بحق سجلاً يُؤرخ لعمل النساء المكيات في مهنة الطوافة في الفترة التاريخية التي سبقت (مرحلة المؤسسات) وحسب ما جاء في مقدمة الكتاب فإن المرأة في مكة عملت «في مهنة الطوافة في المراحل التي سبقت مرحلة المؤسسات، وكان يحق لها توريث المهنة لأبنائها واستمر ذلك حتى عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله». كذلك يتميز الكتاب بكونه يُخصص جزءاً منه للسير الذاتية للنساء اللاتي عملن بالطوافة إلى جانب وصفه لطبيعة العمل الذي كن يقمن به والمسؤوليات التي يُمارسنها. وقد لفت نظري أن بعض المطوفات كن يقمن بأعمال رئيسية في عملية الطوافة مثل الإشراف على التصعيد والنفرة والتفويج وإركاب الحجاج وإعطاء التعليمات والتوجيهات لمن كانوا يعملون تحت إشرافهن، هذا إلى جانب تقديم الرعاية الصحية في حالة الولادة أو الإصابة بضربة شمس أو غير ذلك. وكن يتخاطبن مع الحجاج في بعض الأحيان بلغتهم مما يشير إلى أن كثيراً من المطوفات كن يتحدثن أكثر من لغة كما كنَّ على جانب طيب من الثقافة الإسلامية بدليل أنهن كن يصحبن الحجاج إلى أماكن العبادة ويرشدنهم إلى الآثار الإسلامية ويُرددن عليهم بعض الأدعية والأحاديث النبوية الشريفة.

نيابة عن المطوفات وعن النساء أهدي جزيل الشكر إلى المؤلفين وإلى مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا على هذا العمل الجميل الذي وفَّى النساء حقهن في أن سجل جهدهن وإسهامهن الاجتماعي ليبقى خالداً عبر التاريخ فلا يتلاشى في خضم الزمن كما تلاشى غيره.