مكة أجمل المدن الذكية!

يعيش إنسان هذا العصر حركة ديناميكية تتطلب توفير بنية تحتية أكثر تقنية قادرة على تقديم أرقى الخدمات في ظل ثقافة فرضت نمطها على حياتنا اليومية حيث شهدت العاصمة المقدسة أمس الأول حفل افتتاح مؤتمر المدن الذكية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في احتفالية بُذلت فيها جهود موفقة حازت على إعجاب الحضور من الضيوف وكبار الشخصيات المشاركة في جلسات المؤتمر التي بدأت من صباح يوم الافتتاح واتسمت بالتنظيم والإعداد المتميز باستضافة خبرات عالمية متخصصة وفق أجندة اللجان التنظيمية كفرق عمل شكلت جماعية متجانسة معتمدة على إحساسها بعظم المسؤولية وتعاونها مع أكبر بيوت الخبرة المحلية والعالمية في إدارة المؤتمرات والإخراج التلفزيوني المصاحب لحفل الافتتاح إضافة لصناعة الاتصال النوعي لمواكبة الحدث بمنهجية علمية مقننة ومحكَّمة طيلة الفعاليات والجلسات ورفع التوصيات لأنجح المؤتمرات التي شهدتها العاصمة المقدسة خلال العامين الماضيين والاستفادة من أبرز نتائجه على الأرض بثقافة جيل متخصص من القيادات الأكاديمية وفي مقدمتهم معالي الدكتور عدنان وزَّان مدير جامعة أم القرى ووكلاء الجامعة وأعضاء هيئة التدريس وكانت مفخرة الوطن أن نرى في ذلك المساء الجميل المنشآت الحديثة بجامعة أم القرى بالعابدية كنقلة تاريخية وعمرانية والتباين الواضح بين مبانيها القديمة بالعزيزية وما وصلت إليه الآن بموقعها الجديد مهنئا قيادات هذه الجامعة بهذه الإنجازات والنقلة التاريخية والعمرانية وهي تتفاعل مع جميع أطياف المجتمع المكي على وجه الخصوص وبقية الشرائح الاجتماعية والنخب الثقافية من داخل مكة وخارجها وهو ما يمثل إنجازا حضاريا تتكامل بنيته التحتية بتقنية عالمية كما أكد ذلك معالي أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار في كلمته واعدا سمو أمير المنطقة بأن ذلك هدف استراتيجي على المدى القصير بما لا يزيد على سنتين في أكثر التقديرات حيث ارتسمت على محيا سمو الأمير خالد الفيصل ابتسامة تفاؤلية رافعا يديه لله بتحقيق ذلك الحلم الذي يعد هاجسا لسموه الكريم وتضمنتها كلمته في ختام الحفل وأعطت القاعة دفئا ونبضا أدبيا من نوع خاص عندما ضجت القاعة بالتصفيق لسموه وهو يوجه تحية إكبار واعتزاز بقائد الأمة العربية والإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التاريخية في قمة الكويت مضمدا بها جراح أشقائنا في غزة ومواسيا لهم كوقفة تأتي من زعيم له ثقله السياسي عربيا وإسلاميا وعالميا كابحاً جماح الفرقة والانشقاق بين أشقائه ورفاق دربه من الزعماء العرب .

لقد أبى الأمير خالد الفصل في ذلك المساء إلاّ أن يجول بخاطره وشاعريته وأصالته التي تربى عليها في مدرسة الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز و كانت أمنية مترجمة لكل أحاسيس الأمتين العربية والإسلامية " بالصلاة في القدس الشريف " وهو الذي أراد أن ينقل فكر ونبض كل من حضر تلك الاحتفالية وامتلأت بهم قاعة الملك عبدالعزيز بجامعة أم القرى معانقا نبرات الملك الشجاع قائد الأمة واصفا إياه بالوفاء ومواصلة العهد مع كل الأشقاء كامتداد تاريخي لملوك هذه البلاد وإذا كانت مكة المكرمة قبلة الإسلام وملتقى أفئدة الأمة الإسلامية وتمتلك كل هذه المقومات على لسان أمير الإبداع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل كمسؤول أول في هذه المنطقة وهي تفخر بما تقدمه لخدمة ملايين المسلمين القادمين لهذه الأراضي المقدسة لأداء هذه الشعيرة وهو ما يؤكد مصداقية خطابنا الرسمي على كافة المستويات المحلية والعربية والإسلامية وكرسالة لابد أن يكون لها صدى يسمع لدى زعماء وشعوب العالم.

فقد صدح صوت خالد الفيصل ليكون متزامنا مع كل صوت استغاثة وألم لكل الأشقاء في أحرج الأوقات ومتواصلا أيضا مع نوعية الطفرة التنموية التي تعيشها المملكة ومتطلبات تقنيات معاصرة تحاكي واقع وطبيعة الأماكن المقدسة لتستوعب الملايين في زمن قياسي يخضع لعنصري الزمان والمكان وطموحات الأجهزة الحكومية بتقديم أرقى الخدمات بأعلى المستويات مهما كانت تكلفتها المادية كسبا في الثواب واحتراما لهذه الوفود التي تقصد البيت الحرام آخذين في الاعتبار ضيق المساحة الجغرافية في المشاعر المقدسة والمنطقة المركزية والأحياء السكنية القديمة حولها وكنموذج " حي الشامية " والجهود الكبيرة التي تبذل من قبل الدولة لتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام وهي معطيات تتجاوز حسابات ومقاييس كثيرة تضيق لتفاصيلها مساحة هذه الزاوية وإلمام قلم كاتبها ليكون الحديث عنها للمتخصصين والخبراء المشاركين في محاور المؤتمر لتظل حاجتنا لثقافة خاصة داخل الأحياء السكنية والمدن الذكية حفاظا على ديمومتها وطول عمرها الافتراضي لتشتمل الثقافة الأسرية والمؤسسات التربوية ومراكز الأحياء ومنهجية إعلامية قادرة على إيصال محتواها محليا وخارجيا بجاذبية ومصداقية طرح مختلف.

mu7mad@hotmail.com

نشر هذا المقال بجريدة البلاد 24/1/1430هـ