مركز الملك عبدالله بمكة

كان في مكة المكرمة وقبل أن تغلق وزارة الثقافة والإعلام مراكزها الإعلامية.. كان في مكة شرفها الله مركزاً إعلامياً يقدم خدماته لكل المصالح الحكومية ولكل الفعاليات والمناسبات الثقافية والوطنية.. بل واستطاع مديره الراحل المخرج الأستاذ فيصل محمد عراقي أن يجعله محور كل الفعاليات في مكة المكرمة ومن ذلك المركز انطلقت الكثير من الأفكار بما فيها أول معرض للصناعات الوطنية واستطاع أيضاً أن يجعل من فنائه متحفاً أو معرضاً للمقتنيات المكية مع بناء نموذج للبيت المكي برواشينه وأحجاره ومدخله.. اضافة الى تلك الرسومات إن كانت تجمل السور العازل بين موقع المركز وبستان الزاهر.

ليس هذا فحسب بل كان المركز مقصداً لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين.. وكانوا يحصلون على نسخ من من طباعة مجمع الملك فهد ومعها صورة تذكارية لمكة المكرمة أو المسجد الحرام.. فما أجمل ما كنت تراهم ساجدين لله على حصولهم على نسخة من المصحف والصورة.

على مسرح المركز الإعلامي قدمت أجمل الأعمال المسرحية والادائية لكل المناسبات الوطنية وفي قاعة المركز الإعلامي سُجلت أجمل حلقات برامج الأطفال من مكة المكرمة، واهداءات المركز الإعلامي من الكتب المشتراه من الوزارة دعماً وتشجيعاً ومجاملة في بعض الأحيان كانت تمثل جسر التواصل الثقافي بين المبدعين السعوديين وبين القراء والمثقفين من سكان مكة المكرمة أو للوافدين إليها من المثقفين والفنانين العرب وكم سعدت باطلاع العديد من المثقفين والفنانين العرب على المركز الإعلامي بمكة ومنهم على سبيل الذكر الاساتذة عبدالعزيز خميس رئيس مجلس ورئيس تحرير مجلة روز اليوسف الذي كتب عن زيارته للمركز بعد عودته والاستاذ ابراهيم نافع رئيس تحرير جريدة الأهرام يومها ورئيس اتحاد الصحفيين العرب سابقاً ومن الفنانين العرب الكثير ولقد شهد المركز الإعلامي تكريم نخب وطنية في مختلف المجالات منهم الاستاذ الرائد ابراهيم خفاجي والفنان الكبير الرائد طلال مداح.. ومن المركز الإعلامي بمكة كانت الانطلاقة التأسيسية لنادي مكة الثقافي.

المركز الإعلامي بمكة المكرمة كان المنشأة الانسانية والحضارية والثقافية والاجتماعية الوحيدة.. وبتوقفه والغائه ونقل أعماله وحصرها في المحافظة على مقتنيات المكتبة العامة بمكة المكرمة.

ويشرفني أن أتوجه بالسؤال لأمير المنطقة .. أيها الأمير الاداري الحكيم وأمير المثقفين ورمز المبدعين.. ألا يرى سموكم أن مكة المكرمة في أمس الحاجة الى مثل هذا المنبر الحضاري الذي يمكنه ان يجسد الحراك الثقافي والابداع الفكري والحضاري.. وأن المكيين وخاصة المثقفين منهم ومن هم معنيون بالابداع وفنونه يتطلعون الى سعي سموكم الكريم الى انشاء (مركز الملك عبدالله الثقافي) ليكون هذا المركز حضارياً وثقافياً وإعلامياً ويمكن استقبال المثقفين والمبدعين المسلمين في أيام الحج ورمضان ويكون هذا المركز مهيأ لكل تقنيات العصر المناسبة وأن تكون قاعاته قادرة على استيعاب كل الانشطة بما فيها المعارض والمسرحيات والأمسيات ـ وان تكون فيه قاعة تعرض فيها الصور التي تمثل مراحل تطور الحياة العامة في المملكة منذ التأسيس وأن تكون لمكة المكرمة قاعتها التي ترصد جانباً من تاريخها وادارتها ومن تولوا المسؤولية فيها.. وان تكون هذه المقتنيات مترجمة ويمكن لهذا المركز أن يكون معرضاً دائماً.. ويمكن التنسيق مع مؤسسات الطوافة تنظيم زيارة حجاجهم مع مترجم بلغاتهم ومرشدين مدربين.

يا سمو الأمير.. ان العالم الإسلامي والوطن الإسلامي يبعث اليها بشيوخه وشبابه ولو انفقت الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام ما أنفقت وبكل اذاعاتها الموجهة لن تتمكن من ايصال الرسالة التي يمكن للمركز الثقافي ايصالها ولو أتى مليون زائر سنوياً فسوف يكونون وسائل إعلام متحركة يمكن أن تصل رسائلهم الى عشرة ملايين سنوياً اذا نقل كل واحد من الزائرين انطباعه عما شاهده الى عشرة من معارفه ولنتصور كم عدد الذين تعرفوا بصدق من زيارتهم لهذا المركز الثقافي الحضاري على بلادنا.

سمو الأمير ان في أرض وزارة الثقافة والإعلام بالزاهر متسع لاقامة هذا المركز وليكون مدخله الرئيسي من الواجهة الشمالية ليكون فيها متسع لمواقف المركبات الرسمية وليكون مدخل الزائرين من البوابة الغربية لوجود مواقف دائمة للمركبات وفي تعدد الأدوار مجال لكل ما يمكن تصوره، وليكون هذا المركز منبراً ثقافياً وواجهة حضارية .

وليوفق الله سموكم لكل خير ونماء.


صحيفة الندوة
( الإثنين 16/03/1429هـ ) 24/ مارس/2008 العدد : 11