كنت في باريس على وشك مغادرتها إلى الوطن عندما نعى إلي الزميل الأستاذ خالد الحسيني نبأ وفاة أستاذ الأجيال الشريف عبد الله بن همام الذي تقلد عدة مناصب تربوية كان آخرها منصب مساعد مدير التعليم بمكة المكرمة وجاء في النبأ الناعي أن أستاذنا –رحمه الله – انتقل إلى رحمة البارئ الكريم يوم الخميس الماضي فكان أول تواصل اجتماعي قمت به بعد وصولي إلى أم القرى أنني ذهبت إلى داره لتعزية أسرته فوجدت حشودا من زملائه وطلابه الذين تقاطروا من أنحاء مكة المكرمة وقراها للتعزية في هذا المربي الكبير، ولما جلست في مجلس العزاء دارت أطياف الماضي أمامي فتذكرت الأستاذ ابن همام وهو يدلف في نهاية الثمانينيات الهجرية إلى فصلنا الدراسي بمعهد المعلمين الثانوي بحي الزاهر ليعطينا دروسا في النحو والصرف والبلاغة وشواهد ذلك كله في القرآن الكريم وفي الشعر ديوان العرب، ولم تزل بعض دروسه وعباراته وكلماته محفوظة في الذاكرة مما يؤكد على تأثيره الايجابي في طلابه الذين غدوا في ما بعد معلمين في التعليم العام بل إن بعضهم واصل تعليمه حتى نال درجة الدكتوراه وأصبح مدرسا جامعيا.
ومن الناحية الاجتماعية فقد كان أستاذنا الشريف ابن همام ذا علاقات اجتماعية واسعة، ومحبوه كثرا لا سيما الذين درسوا على يديه أو كان توجيههم للعمل معلمين أو إداريين في المدارس عن طريقه خلال إدارته لشؤون المعلمين في إدارة التعليم، وكان يمتاز في عمله بالحكمة التي آتاه الله إياها وأنعم عليه بها، ولذلك استطاع إرضاء معظم المعلمين الذين كان يوزعهم على مدارس القرى والمدينة المقدسة، موازنا بين المصلحة العامة ومصلحة المعلم نفسه وكان محل تقدير وإكبار المعلمين والإداريين في المدارس ولذلك تجدهم راضين بما يوجههم به لعلمهم اليقين أنه حكم عدل وأن هدفه الأول والأخير أن تأخذ كل مدرسة «حصتها» من المعلمين ومع ذلك فإنه كان يعطي بعض المدارس المميزة حصة أكبر من المعلمين تشجيعا لها على المزيد من التميز ولغيرها على اللحاق بها وفي الحدود التي لا تؤثر على احتياجات المدارس الأخرى.. رحم الله أستاذنا الشريف عبد الله بن همام المنعمي وجزاه خير الجزاء على ما قدم لوطنه ولطلابه وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عكاظ / الثلاثاء 22/2/1430هـ