الندوة والاسم البديل!
من المسلم به أن لكل نظام سياسي برلماناً يناقش قضاياه، وينافح عنه، ولقد كان لقريش برلمان في «دار الندوة» من قبل أن يبعث الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ونور الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وبدهي أن ينافح برلمان قريش الذي كان مقره «دار الندوة» عن النظام الذي كان سائدا قبل الإسلام، ولذا فليس من المنطق أن نرفض مسمى «الندوة» كجريدة ذات تاريخ لمجرد أن الاسم كان لبرلمان قريش التي وقفت ضد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فنصره الله عليها ودخلت مكة كلها في الإسلام وأصبحت عاصمة المسلمين .. كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى، ولا طيرة».
هذه سطور وجدتني أكتبها من بعد ما قرأت وسمعت عن تفكير أصحاب جريدة «الندوة» في تغيير اسمها وأن ذلك بسبب تشاؤمهم من اسم الندوة التي كانت مقرا لبرلمان قريش .
فقد نشرت «عكاظ» بتاريخ الخميس 5/5/1430هـ : أن معالي الدكتور محمد عبده يماني رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكة المكرمة للطباعة والإعلام قد كشف عن اتجاه لتغيير مسمى صحيفة «الندوة» إلى «مكة المكرمة» في مشروع التطوير المقبل للصحيفة.
وإثر نشر هذا الخبر سأل الصديق إدريس الناصر بحضور عدد من الأصدقاء معالي الدكتور محمد عبده يماني عن سر هذا التوجه لتغيير اسم «الندوة» فكان أن قال معاليه: يبدو أن الجماعة متشائمين من «الندوة» باعتبارها كانت مقرا للذين تصدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهنا أعود فأذكر المتشائمين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا عدوى ولا طيرة» وليس هذا فحسب بل إن معالي الدكتور محمد عبده نفسه قال في حديثه لليمامة بالعدد 2055 تاريخ 7/5/1430هـ عندما سأله الأستاذ توفيق نصر الله بقوله: هل هناك أمل في بث الحياة من جديد في جريدة «الندوة» التي أصبحت كأنها جنازة تنتظر الدفن ؟ فكان أن قال معاليه:
جريدة الندوة مرت بمراحل كثيرة وكانت في يوم من الأيام أكبر صحيفة توزع في مكة، ولكن نتيجة للظروف التي مرت بها تأخرت، واليوم هناك نهضة جديدة أبشر الناس بأن تنتظرها لأنه صدر أمر خادم الحرمين بإعانتها على تسديد ديونها التي ظلت متراكمة عليها منذ ثلاثين عاما، والآن يريد معالي الدكتور عبد العزيز خوجة أن يدفع بجريدة الندوة ويجعلها من الصحف المتقدمة فطلب عقد جمعية عمومية وضخ أموال جديدة ورجال يديرون هذه العملية، كما أن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير المنطقة منذ اللحظات الأولى التي جاء فيها لمكة وهو يسأل عن الندوة».
ومن كلام معالي الدكتور محمد عبده يتضح جليا أنه كان للندوة تاريخ مشرق وأنها كانت أكثر الصحف توزيعا في مكة المكرمة وفي هذا ما يؤكد أن لا دخل للاسم في تدهور أوضاع الجريدة، وأن بالإمكان لو حظيت بعد دعم خادم الحرمين الشريفين باهتمام أصحابها وضم أعضاء جدد يضخون في صندوقها ما يساعد على دعم ميزانيتها ويمدونها بالأفكار والرجال الذين يهمهم إعادة الندوة لما كان عليها وضعها الذي أشار إليه معالي الدكتور اليماني لما كان ذلك عسيرا .. ورغم كل ما سبق فإنه حتى لو فكر أصحاب الندوة في تغيير اسمها فــــإن اسم مكة المكرمة أجل وأسمى من أن يطلق على صحيفة الله أعلم بما ستنشره وبما سيكون عليه مســـتواها، ولذا فإن كان هناك إصرار على التغيير فلتـسمى «حراء» أو «النور» أو «عرفات» أو غير ذلك مما يختاره ذوو الرأي من أصحابها والله المستعان .
عكاظ 22/5/1430هـ