في يوم مناقشة الدكتوراه
في يوم جميل علا وجوه جمع من أهلي "المكيون" السرور، وهم يحيطون بأحد أبناء مكة الأوفياء سليل بيت علم شهير من بيوت أم القرى - شرفها الله - وهو يستعد لمناقشة رسالته العلمية للحصول على درجة الدكتوراه وفي تخصص مهم هو اصول الفقه، وفي موضوع شديد الحساسية هو الاستدال بالمصلحة المرسلة على المعاملات المعاصرة - مالية وتجارية، وكنت بينهم سعيداً بما حقق الدكتور محمد بن اسماعيل بن عثمان الزين، وهو وريث علم ابيه، الذي خدم العلم في الرحاب المقدسة بأم القرى زمناً طويلاً، وانتشر تلامذته في بلاده مكة والاحساء ثم في بلاد اسلامية كثيرة باليمن وافريقيا وآسيا، خاصة بإندونيسيا التي له من علمائها تلاميذ عدة وله العديد من الرسائل والفتاوى، التي اعتنى بها وريث علمه، ابنه البار الحاصل على الدكتوراه اليوم بدرجة امتياز، وقد احيا من قبل مجلس ابيه العلمي وواصل جهوده في خدمة العلوم الشرعية، والحديث منها خاصة، وله تلاميذ يلتفون حوله، ويأخذون عنه العلم، ليعودوا الى ديارهم يحملون شعلته وينشروه بين اهليهم، والدكتور محمد - حفظه الله - بعد حمله هذه الدرجة العلمية العالية يتضاعف عليه الجهد لاحياء تراث مكي، كلنا اليوم نسعى لاحيائه، بعد ان ادركنا بعدما مر بنا من احداث جسام انه وحده العلاج للفكر المحرض على هذه الاحداث، هذا التراث المكي الذي كاد ان يندثر واوله واهمه العناية بالتسامح والاعتدال الذي اشتهر به العلماء المكيون عبر التاريخ، والذي كان له عظيم الاثر في توجهات العامة والخاصة بأم القرى، وكم اسعدني ان نال اخي هذه الدرجة العلمية في علم واضعه الامام محمد بن ادريس الشافعي - رحمه الله - ومذهبه العائد بين جل اهلنا المكيين، وان كان بينهم من ينتمي الى المذاهب الثلاثة الاخرى، وهم من يحترمون هذه التعددية ويرعونها بل ويحرصون عليها،فهم الذين يستقبلون وفود الحجيج من كل لون وعرق ومذهب وطائفة، واني على ثقة ان ابناء بيوت مكة العلمية سينهضون بمسؤوليتهم في نشر ثقافة التسامح والاعتدال التي ترعى هذا التنوع، والتي يزدهر في ظلها الفكر الذي يبني الحياة، وبتراجع فكر التشدد والتطرف الذي آذى مجتمعنا المسلم الطيب، الذي لا يبنى المودة فيه سوى التسامح والاعتدال فمرحى للعاملين ذوي النوايا الطيبة من اهل العلم بالبلد الحرام، الذين اغلى امانيهم ان يسود الوطن الامن والامان، فينعم اهله في ظل الاستقرار بالسعادة ينتجون ويبدعون فهذا ما نرجو والله ولي التوفيق.
البلاد 28/5/1430هـ