مركز مكة الطبي ..وحتى لا تُصبح الهموم ثلاثة !!
تألمت وأنا أطالع ما نشرته صحيفة الندوة على لسان الدكتور عبدالرحمن بخش عضو مجلس إدارة مركز مكة الطبي من أن أبناء مكة المكرمة سيفقدون مركز مكة الطبي إذا لم يجد الدعم اللازم ، وأشار إلى أن مجلس الادارة كان متسرعاً في الافتتاح قبل استكمال كافة التجهيزات .
تألمت وحزنت لمكة ولأبناء مكة الذين كُتب عليهم أن ينتقلوا إلى جدة بحثاً عن أمور كثيرة منها الخدمات الطبية والعلاج في مستشفيات متطورة .. وتألمت وحزنت أكثر عندما تذكرت أن كثير من المشاريع والخدمات المتوفرة في جدة قام بتأسيسها نفر من أبناء مكة المكرمة البررة ..
كنت قد كتبت أكثر من مرة حول مركز مكة الطبي وأنه الحلم والأمل بالنسبة لنا نحن أبناء مكة المكرمة ، وتحدثت حول الأثر الإيجابي على مجمل الخدمات الصحية في أم القرى ، الذي سيتحقق نتيجة نجاح هذا المركز ، بما سيتيحه من المنافسة بين مستشفيات القطاع الخاص والحرص على استقطاب أفضل الكفاءات والتجهيزات الطبية والفنية ، ولا أزال أرى أن المركز جدير بتحقيق هذا الأثر إذا وجد الحماس والتفرغ من بعض المؤسسين وليس الدعم المادي فقط ، خصوصاً وأن افتتاحه تزامن مع تأسيس كلية الطب في جامعة أم القرى ، والتي ستكون بلاشك رافداً مهماً للمركز ولغيره من المستشفيات الخاصة في مكة المكرمة ..
وليسمح لي الدكتور عبدالرحمن بخش والسادة رئيس وأعضاء مجلس ادارة مركز مكة الطبي بالتعليق على ما جاء في تصريح الدكتور بخش ، وأرجو أن تتسع صدورهم لما سيرد في تعليقي من ملاحظات أرى أنها ساهمت في ما هو عليه المركز حتى الآن ، فأقول وبالله التوفيق : إن المركز لا يعاني فقط من عدم توفر السيولة النقدية ، وإنما يعاني من أمور أخرى لعلي أجملها فيما يلي :
أولاً : وجود خلل جوهري في الهيكل التنظيمي للمركز ولمتمثل في عدم وجود القيادة الموحدة للمركز -إن صح التعبير- سواء على مستوى الجهاز التنفيذي فقد بدء المركز بمديرين على رأس هرم الجهاز التنفيذي وهما المدير التنفيذي والمدير الطبي ، أو على مستوى مجلس الادارة حيث كانت التعليمات والتوجيهات تصدر لرأسي الجهاز التنفيذي من أكثر من شخص في مجلس الادارة .. وهذا الوضع أفرز تنافراً واختلافاً وتنازعاً للصلاحيات بين قطبي الجهاز التنفيذي ، مما أثر سلباً على أداء المركز والعاملين فيه ، وانتهى ذلك بترك كلاً من المدير التنفيذي والمدير الطبي للعمل في المركز خلال العام الأول من افتتاحه .
وفي الآونة الأخيرة المعلومات تُشير إلى حدوث تعديلات في هيكل الادارة العليا للمركز ، وهي في اعتقادي لازالت لم تعالج مشكلة عدم توحيد القيادة ، حيث لايزال هناك تعدد في القيادات التي توجه وتصدر التعليمات من مجلس الادارة ، فبالإضافة إلى رئيس مجلس الادارة لاتزال هناك وظيفة عضو منتدب على الرغم من تعيين مدير عام للمركز .
ثانياً : أشار الدكتور بخش إلى أن العديد من المساهمين كان هدفهم إقامة مركز طبي متكامل يخدم أبناء مكة ولم يكن هدفهم تحقيق عائد ربحي على ما قدموه من أموال ، وفي تصوري أن صياغة هدف المؤسسين بهذا الشكل أسس -مع تأسيس المركز- عائقاً حقيقياً أمام تحقيق ذلك الهدف .. لأن المشروع فقد عنصراً مهماً من عناصر نجاحه وهو وجود شخص أو أشخاص متحمسون لفكرته مدفوعون بجدوى اقتصادية ، يتحقق من خلالها إيجاد الخدمة الصحية المتطورة وضمان استمرارها واستمرار تطورها ، ولعل شركة مكة للإنشاء والتعمير خير مثال على ذهبت إليه ، فلاشك أن هناك فرق كبير بين من يدفع نقوده كتبرع أو زكاة أو صدقة وبين من يدفعها للاستثمار .. ، وهنا تكمن مشكلة مركز مكة الطبي الحقيقية !!
لذلك فإنني أتصور أن ضمان استمرار مركز مكة الطبي بالمستوى المأمول والذي يحقق الهدف الذي أُسس من أجله وهو توفير خدمات طبية متقدمة لأهالي مكة المكرمة وزوارها من ضيوف الرحمن يكمن فيما يلي :
1- توحيد القيادة التنفيذية للمركز ودعمها ومنحها الثقة الكافية ، واقتصار دور مجلس الإدارة على وضع الاستراتيجية ورسم الخطط ، ومن ثم مراجعة سير العمل ومراقبة الأداء من خلال الوسائل المتعارف عليها ..
2- أن يحرص المؤسسون على تحقيق العائد الربحي للمركز لأن هذا العائد هو الضمانة بعد الله عز وجل لاستمرار المركز في أداء خدماته وتطوّرها بشكل مستمر ، وهو في نفس الوقت -وأعني العائد- الممول الرئيسي للصندوق الخيري الذي سيؤسسه المركز عند تحقيق الأرباح .
أذكر أن الأستاذ محمد عمر العمودي كتب قبل فترة عن همين يجثمان على قلوب أهالي مكة ، وهما نادي الوحدة وجريدة الندوة ، وأخشى ما أخشاه أن ينضم إليهما مركز مكة الطبي .. والسبب المشترك في جميع هذه الهموم هو تقاعس بعض الكبار من أبناء مكة المكرمة الأوفياء .. والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 6/1/1418هـ في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 12446