الانتقال إلى (مكة المكرمة) ليس حلا

تابعت التعقيبات على تصريح معالي د. محمد عبده يماني والذي يرأس مؤسسة مكة المكرمة للطباعة والإعلام حول تغيير إسم جريدة "الندوة" والتي تعود ملكية ترخيصها للمؤسسة منذ العام 1964إلى جريدة "مكة المكرمة"، وقد لاحظت أن معظم من شارك برأيه في هذا الموضوع إن لم يكن جميعهم كان ضد التوجه نحو تغيير الإسم وعلى رأسهم الأساتذة عبدالله خياط، محمد الحساني، فائز جمال، وقد تناول كل منهم الموضوع بأسلوبه الإبداعي وقلمه المميز، جريدة الندوة الحالية والتي تصدر منذ العام 1959 هي نتاج إندماج جريدتي"الندوة" التي تصدر عن دار الندوة ومؤسسها الأستاذ أحمد السباعي وجريدة "حراء" و مؤسسها الأستاذ صالح محمد جمال، وكي نناقش هذة القضية بأسلوب علمي لابد من إخضاعها للدراسة ونبدأ بتوصيف المشكلة وتحديد البدائل ومن ثم إختيار البديل الأمثل، وإذا حددنا المعطيات بغية الوصول إلى الفرضيات نجد أن عمر صحيفة "الندوة" (بعد الإندماج) خمسون عاما، وهو ما يكسب الإسم قيمة عالية ينعكس على تقييم عنصر الشهرة أحد أهم مكونات أصول أي منشأة، ثم إن قوة أي صحيفة تكمن في إسلوب إدارتها بشقيه الفني والإداري والكوادر البشرية المؤهلة المنتسبة لها والتي تستطيع توظيف إمكانات المؤسسة بما يحقق أفضل النتائج، ومهما تكن مواصفات الأصول الثابتة وحجمها ومدى توفر الآلات وإستخدام التقنيات في وجود إدارة واعية وفاعلة تستطيع إستقطاب الكفاءات و التي بدورها توظف االإمكانات المتاحة والطاقات الموجودة في الوصول إلى الأهداف المنشودة، وتحقيق النتائج المرجوة، ولأن المؤسسات الصحفية تختلف عن غيرها من المؤسسات التجارية في نسبة إعتمادها على العنصر البشري (الإنسان)، لذا فإن معظم حالات التعثر في المؤسسات الصحفية يكون مرجعها خلل في الإدارة وعدم تمكنها من الإستفادة من الظروف المواتية (الفرص الضائعة)، وذلك في ظل تنامي حجم الكعكة السوقية للوسائل المقروءة وثبات أعداد المقتسمين لها، أما إذا كان حجم السوق ثابتا أو متناقصا وأعداد المؤسسات الصحفية متزايد أو مستقر لكان تأثير الإدارة يكمن في الإستحواذ على جزء من حصص الآخرين في الكعكة وهي الحالة الأصعب والتي تظهر فيها كفاءة الإدارة وتوصف بأنها إدارة بارعة ومتقدمة، أما الإدارة التي تحافظ على إستقرار الوضع في ظل الظروف المشجعة و المساعدة تعتبر إدارة محافظة أو تقليدية، ويتأكد لنا بعد هذا العرض أن مشكلة جريدة الندوة ليست في الإسم فهو بلا شك إضافة لها، الإسم الذي يناهز عمره الخمسين عاما هو عامل إنجاح لأي مؤسسة، كما لا يبدو أن عدم توفر الأموال ونقص الإمكانات أيضا هو السبب لأن مساعدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من حسابه الخاص بمبلغ 10 ملايين ريال لم يمض عليه مدة طويلة، وليسمح لي معالي د. محمد عبده أن اخفاق أي صحيفة يرجع إلى الإدارة بكل أجهزتها خصوصا الترويجية، ولا يغيب على معاليكم ذلك خصوصا وقد عرف عنكم النظرة الثاقبة والرؤية النافذة فلا تصرف نظرك فيما ليس سببا، وتضع أصبعك بعيدا عن الحل، ويضيع ما تبقى من أصول الجريدة، فالإنتقال بالإسم إلى "مكة المكرمة" ليس حلاً.

فاكس 6604448 02

جريدة البلاد 27/7/1430هـ