رحيل الأستاذ د. ناصر علي الحارثي
الله أعلم صحة الأسباب التي آثر واختار من انهاء حياته بالشكل الذي كان، على انني لا أقدر ان تكون مديونية السبعة ملايين وراء انتحاره، فإن رجلاً في مستوى الاستاذ د. ناصر عالماً ومعلماً لا يُعقل أن يُنهي حياته بتلك الطريقة التي اختارها ــ والموت نهاية كل حي وكل من عليها فان ولكل أجل كتاب، ومن يصل الى ما وصل إليه من العلم والخبرة ومرشح لرئاسة قسم التاريخ بجامعة أم القرى، ومؤهل لمناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه يقوده تفكيره، والدين (هَمّ بالليل ذُلٌّ بالنهار) و(الدين سواد الخدَّين).. لا أحد يقدر أن الضغوط النفسية والاجتماعية المالية التي ذكرها في وصيته وان والدته وزوجتيه يستبعدون ذلك، ثم ان مؤلفاته وأبحاثه كثيرة خلال السنين الطويلة، ثم ان الموسوعة التي أصدرها في كتاب فخم ضخم في سبعمائة وثلاثة وسبعين صفحة نتاج ربع قرن بعنوان (الآثار الإسلامية في مكة المكرمة) عمل كبير جداً، وكان من الممكن الاستفادة من بيع مؤلفاته ومنها تسدد ديونه إلا اذا كان الأمر كما يقولون (الناشرون يشربون في جماجم المؤلفين) وعزَّة نفسه وكرامتها ــ وانني أذكر يوم اختلفت معه وهو يحاضر على منبر الجامعة عن الآثار في مكة المكرمة ومقبرة الحجون ــ ومع انني خالفته في الرأي لكنني ممن يعترفون بغزارة علمه في الفن الذي تخصص فيه، وما كتب في الصحف عنه قليل في حقه وجهوده وتضحياته ــ وهو الآن بين يدي رب غفور كريم يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ــ أسأل الله ان يسامحه وأن يكرمه انه على ذلك قدير وبالاجابة جدير.
(اللهم أبدله داراً خيراً من هذه الدار وزوجاً خيراً من زوجتيه وافسح له في قبره ضيق المضاجع والضرائح واغفر له ما اقترف من الذنوب وحاسبه بما أنت أهله ولا تحاسبه بما هو أهله وا جبر كسر ذويه في فقده، واجعل مصائبه في الدنيا درجته في الآخرة واجعل غمه ونكده وهمه كفارة لما اقترف من الذنوب، اللهم اننا نعلم أننا لن نكون أرحم به منك فارحمه برحمتك التي وسعت كل شيء واغفر اللهم لجميع موتى المسلمين والمسلمات يا أجود من سئل وأوسع من أعطى وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله ومن إليهم منسوب، والحمد لله رب العالمين
الندوة 22/10/1430هـ