اكتمال الاستعدادات في المشاعر
لقد اكتملت اليوم الاستعدادات التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ لتصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى المشاعر لأداء نسكهم كما ظهر ذلك جليا من خلال ما تم الوقوف عليه أثناء جولة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ورئيس اللجنة العليا للحج ومن صحبه من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء على المرافق في المشاعر المقدسة.
وستبدأ رحلات الحجاج الذين سيصعدون عرفات مباشرة من مساء اليوم، ثم تسير القوافل غداً إلى منى لأداء الفريضة التي كتبها الله على المسلمين مرة في العمر.
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) فيما رواه الإمام البخاري في صحيحه قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا أيها الناس إن الله كتب – أي فرض – عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها الرجل ثلاثا. فقال صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: «ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه».
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) فيما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: «يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فقام الأقرع بن حابس وقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا الحج إلا مرة، فمن زاد فهو تطوع».
ومن هنا يتضح تماما أن الحج الذي فرضه الله بقوله تعالى: «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا»، إنما يجب على المستطيع مرة واحدة في العمر .. وأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي هو الأسوة الحسنة لنا بدليل قوله تعالى: «ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن آمن بالله واليوم الآخر» لم يحج إلا مرة واحدة .. هي حجة الوداع، بالرغم من أن فريضة الحج قد وجبت في العام السادس من الهجرة، ولما كانت مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد شرعا فقد وجب على الذين سبق لهم أداء هذه الفريضة من المملكة ومن خارجها أن يفسحوا المجال لإخوانهم من المسلمين الذين لم يسعدوا بعد بأدائها من قبل كالذين يفدون من ديار بعيدة ابتغاء المغفرة والرضوان الذي وعد الله به عباده، فمما جاء في السيرة التي تروي عن مناسك الحج: أن محمد بن ياسين قال: قال لي شيخ في الطواف من أين أنت؟ فقلت: من خراسان؟ قال: كم بينكم وبين البيت؟ قلت: مسيرة شهرين أو ثلاثة.
قال: فأنتم جيران البيت. قلت: أنت من أين جئت؟
قال: من مسيرة خمس سنوات، وخرجت وأنا شاب فاكتهلت. قلت: والله هذه الطاعة الجميلة والمحبة الصادقة، ثم قال:
زر من هويت وإن شطت بك الدار
وحال من دونه حجــب وأســـتـار
لا يمنعك بعد عــــــن زيـــــارته
إن المحب لمــــــن يهــــــواه زوار
واليوم وقد يسرت حكومة خادم الحرمين الشريفين السبيل لأداء مناسك الحج وأصبح أداء الفريضة ميسوراً وفي ساعات معدودة يصل الحاج من بلاده، ارتفع عدد الحجاج إلى الملايين مما يقتضي على كل مسلم من المواطنين أو المقيمين أو حتى من المسلمين عامة الاكتفاء بأداء الفريضة مرة ليفسحوا المجال للغير من القادمين من أقاصي الدنيا خاصة وأنه وكما يقول الشيخ سيد سابق – رحمه الله – في كتابه (فقه السنة): «أجمع العلماء على أن الحج لا يتكرر وأنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة».
عكاظ 7/12/1430هـ