الملك عبد الله يرفض أن تسجل الجريمة ضد مجهول

إن لكل خطاب أو بيان مفتاحا يمكن له أن يضيء لك هذا الخطاب أو البيان بشكل أوضح إن انتبهت لمفاتيح هذا الخطاب أو البيان، ومفتاح البيان التاريخي الصادر من خادم الحرمين الملك التاريخي عبد الله بن عبد العزيز هو في تلك الفقرة التي قال فيها الملك الصالح: «وإن من المؤسف له أن مثل هذه الأمطار بمعدلاتها هذه تسقط بشكل شبه يومي على العديد من الدول المتقدمة وغيرها، ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات، ولا ينتج عنها خسائر، وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة، وهو ما آلمنا أشد الألم».

وبالنسبة لي أرى أن هذه الفقرة هي مفتاح البيان، فالملك عبد الله يعلن وبصريح العبارة، أن ما حدث لم يكن كارثة طبيعية، بل أمر كان من المفترض أن يكون عاديا وطبيعيا ولا يخلف كل هذا الدمار، لولا أن هناك أشخاصا مسؤولين عن هذه الجريمة، أو كما قال غفر الله له حيا وحيا الملك عبد الله: «فإنه من المتعين علينا شرعا التصدي لهذا الأمر وتحديد المسؤولية فيه والمسؤولين عنه ـ جهات وأشخاصا ـ ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم دون أن تأخذنا في ذلك لومة لائم تجاه من يثبت إخلاله بالأمانة».

لهذا أتمنى أن يقف الجميع، اللجنة والمواطن وكل من يملك أدلة تدين المشاركين في هذه الجريمة، صفا واحدا خلف الملك الصالح الذي يريد أن يقيم الحق والعدل، ويحاسب كل من كان مسؤولا عن هذه الجريمة.

أقول للجميع بما فيهم المواطن الذي عليه أن يكف عن سلبيته ويجهر بصوته: لأننا هنا أمام بيان صارم وقوي ويرفض أن تسجل الجريمة ضد مجهول.

أتمنى أيضا وكما قال الملك: «"على اللجنة الرفع لنا بما تتوصل إليه من تحقيقات ونتائج وتوصيات بشكل عاجل جدا، وعليها الجد والمثابرة في عملها بما تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل، وهي من ذمتنا لذمتهم، مستشعرة عظم المسؤولية وجسامة الخطب».

فهذه اللجنة المشكلة لأول مرة، هي لن تحاسب من شاركوا في ارتكاب هذه الجريمة ضد الموطنين في جدة فقط، بل هي تعلن لباقي المدن ألا أحد فوق القانون، وأن جميع المسؤولين في كل المدن، إن لم يضطلعوا بمهامهم أو لم يكونوا بحجم الثقة، سيحاسبون، فالوطن لن يحتمل مثل هذه الأخطاء مرة أخرى.

بمعنى أن المسؤول الذي لا يريد أن يعمل ولا يقدم خدمة للمواطنين، الأفضل له أن يقدم استقالته؛ لأنه سيحاسب على تقصيره، وليترك المجال لمواطن يريد العمل لجعل المستقبل أفضل لأبنائنا.

خلاصة القول: إن هذه اللجنة التي منحها الملك الصالح كل الصلاحيات ومن حقها أن تستجوب من تريد، لن توجد علاجا ناجعا لجدة فقط، إنها أيضا وبقراراتها الدقيقة والسريعة والعادلة والمعلنة، ستكون الواقية، ولن تتكرر هذه الجريمة في جدة وباقي مدن الوطن، فيصبح المستقبل أجمل، لوطن يستحق أن يكون أجمل.

عكاظ 15/12/1430هـ