لماذا تهاجمون مؤسسات الطوافة بغير علم ؟!
ساءني جدا أن تكرار مهاجمة مؤسسات الطوافة والمطوفين، على صفحات الجرائد، في كل عام، باتهامها بما ليس فيها، وتحميلها مسئوليات ليست في قائمة أعمالها، فقد هاجم بعض الصحفيين مؤسسات الطوافة من (حسدا من عند أنفسهم) الرجوع لهذه المؤسسات لتقصي الحقائق ومعرفة الحقيقة، فالبعض من الصحفيين (هداهم الله) يتهمون مؤسسات الطوافة، عندما يردهم أي خبر من أي مطوف منزعج ممن يصبون الزيت على النار، من أجل شهرة، أو من أجل تحقيق مكسب سريع، أو من أجل إثارة صحفية، أو لأجل (شوفوني لا تنسوني). وهذا يؤكد لنا بأن هناك من يهمه التشهير بمؤسسات الطوافة ظلما وعدوانا؟!. والمعروف في جميع الأعراف والأديان والمجتمعات، بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. فما كان يجب من الصحفيين الكرام أو من سار على نهجهم أن يقيموا الدنيا ولا يقعدوها بمجرد أنهم (سمعوا) أو (قيل لهم) عن مشكلة ما، دون الرجوع إلى المصدر الرئيس، وهو ( مؤسسات الطوافة نفسها) للأخذ منه وللوقوف على الحقيقة، ومن ثم عليهم أن يكتبوا ما يشاءون. يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ويقول تعالى:(يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) ويقول سبحانه: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ويقول تعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) ويقول سبحانه (ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين)، فالمسألة ليست هينة كما أنها ليست بسيطة، فما يجب على الكتاب والصحفيين اتهام الناس بالباطل دون أن يتحققوا مما يكتبون، ودون أن يقفوا على الحقيقة والحصول على المعلومات من مصادرها الأساسية!. وليعرف الصحفيون بأنهم يظلمون أناسا اختصهم الله بالعيش بجوار بيته، واختصهم للقيام على خدمة ضيوفه، حجاج بيت الله الحرام، ولقد توعد الله من يظلمهم بعذاب أليم، قال تعالى(ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). فهل وقف هؤلاء على تفسير هذه الآية، الزلزلة، والتي يجب أن يعرفها كل من يتهم شخصا يعيش في مكة المكرمة، بدون وجه حق، يقول ابن كثير رحمه الله في بعض تفسيرها: ( وشتم الخادم بمكة ظلم، فسيذيق الله من يشتم الخادم عذابا أليما!!). فكيف بمن يتهم الأبرياء من المطوفين ويتهم مؤسساتهم كذبا وبهتانا وزورا !!!. إن هناك قاعدة إسلامية تقول: (البينة على من ادعى.. ). فهل أثبت هؤلاء اتهاماتهم بالبينة؟!. ولا مرة واحدة أثبتوا ذلك!!.
لقد قرأت مقالا في جريدة الرياض، يتهم فيها مؤسسات الطوافة جميعها دون استثناء، ودون تحديد، بأنها أي مؤسسات الطوافة تقدم للحجاج وجبات متردية في نظافتها وإعدادها وأنها تطبخ الوجبات في (أحوشة) قذرة وأنها وأنها إلى آخر المقال الذي رد عليه سعادة الأستاذ عبدالله علاء الدين رئيس الهيئة التنسيقية لأرباب الطوائف ردا مقنعا مفحما مسكتا، مثبتا للكاتب بالدليل والبرهان بعده عن الحقيقة ومجانبته للصواب، ومبينا له نظام الدولة الذي تطبقه مؤسسات الطوافة في مثل هذه الأمور، ذاكرا بنود عقد الإعاشة، وكيفية إعداد وتوريد الوجبات، وما هي الأمور التي يجب أن تتحقق في العقد، وما هي الضوابط التي يجب أن تطبق على أرض الواقع، والجزاءات التي تتخذ عند الإخلال ببند أو ببعض بنود العقد. فكان الرد شافيا كافيا، في أكثر من ثلاث صفحات يمكن لهؤلاء الكتاب المتسرعين الحصول على نسخة منه من أية مؤسسة.
ومن جهة أخرى حمل البعض مؤسسات الطوافة مسئولية صعود الحجاج إلى غار ثور وغار حراء وذهابهم إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، والتمسح والتبرك عنده، وإني أسأل: هل يراد أن تتحول مؤسسات الطوافة إلى مراكز للشرطة، يجب عليها تقييد حركة الحجاج ومنعهم من التحرك داخل مكة المكرمة؟!!. وإذا كان ما قيل بأن هذه الزيارات من البدع والشركيات، فكيف يرد على البخاري ومسلم، وأربعة عشر حديثا في صحيحيهما، تُثبت بأن صحابة رسول الله رضوان الله عليهم كانوا يزورون غار حراء، ويصعدون جبل أحد!. فهل أشرك الصحابة بزيارتهم لهذه الأماكن، وكيف حكموا على هؤلاء الحجاج بأنهم يمارسون أعمالا شركية. هل شقوا قلوبهم وعرفوا ما في نفوسهم وما يضمرون ؟!. ألم يتمسح بلال بن رباح رضي الله عنه بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل أشرك بلال؟!. حاشا بلالا أن يكون كذلك. ثم أين هم من دعوة هؤلاء، من أن يوجهوهم إلى الصواب، أين هم من الدعوة إلى الله ؟!. أليس عليهم واجب النصح والدعوة والتوجيه والإرشاد، مثلهم مثل أي مسلم آخر؟!. ثم ما صلة المطوفين بكل هذا؟!. لماذا تُشوه صورة المطوفين ومؤسسات الطوافة بهذا الشكل الظالم؟!. وهي التي تقدم واجبات عظيمة لضيوف الرحمن، حجاج بيت الحرام!!.
إن من يقف على أعمال المطوفين في الماضي والحاضر، يعرف أن هذه الفئة تضحي بكل غال ونفيس، من أجل خدمة وفود الله، وأن ما يجنونه من أرباح جراء عملهم هذا، لا يساوي شيئا أمام تلك التضحيات وذلك الجهد والعرق والسهر الذي يقدم ويبذل من أجل هذا الشرف الذي اختصهم الله به. فاتقوا الله أيها الكتاب وأيها الصحفيون في المطوفين وفي مؤسسات الطوافة.
وأخيرا يجب أن يعرف الجميع بأن المطوفين ليسوا ملائكة لا يخطئون، فمعشر المطوفين يخطئون ويصيبون، ولا يتعمدون الخطأ، كما إنهم يتقبلون النقد الهادف، من أجل التصحيح وليس التجريح والظلم، إضافة إلى إنهم لا يضمرون عداء لأحد، ويتقبلون أي اتهام مصحوبا بدليل وبرهان، ليصلحوا أخطاءهم إن وجدت، ويكفيهم شرفا وفخرا بأن المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، عندما دخل إلى مكة المكرمة، ثَبَّتَ المطوفين في أعمالهم وأيدهم عليها، وكذلك سار أبناؤه البررة على نهجه، كما يكفينا شرفا بأن الله اختارنا لهذه المهنة دون غيرنا، فاتقوا الله في المطوفين أيها المتهمون، وتذكروا (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ). نسأل الله المنتقم الجبار أن يرد كيد الكائدين وحسد الحاسدين في نحورهم... والله من وراء القصد، ويا أمان الخائفين.
الندوة 20/12/1430هـ