“توعية مميزة.. سلوك مميز” (1)
تباين الثقافات بين مجتمعات العالم الإسلامي أمر مقبول إلا أن يكون في المسلك الخاص بأداء الشعائر الدينية كآداب التجمع من أجل أداء فريضة الصلاة في الحرمين الشريفين أو أداء النسك لا سيما أن ثقافتهم الإسلامية تحتم عليهم الالتزام بآداب وسلوك مستمد من الكتاب والسنة وانتهجته الحضارة الإسلامية العريقة، فديننا يعلمنا كيفية آداب المشي إلى الصلاة أو الطواف والسعي بالبيت العتيق وزيارة مسجد الرسول الأمين، علمنا كيف نقف متراصين وكيف نختار المكان الملائم للجلوس ولا نتخطى رقاب الآخرين، علمنا كيف نتجنب اللغو ورفع الصوت وكيف نتجنب الحركات غير المستحبة، علمنا كيف نحرص على الوقت ولا نتدافع أو نزعج أي أحد كان، علمنا النظام لكي لا نعيق الآخرين ونتجنب الجلوس في الممرات وعتبات السلالم وبالقرب من الأبواب أو المداخل أو في الأماكن التي تكثر فيها الحركة. علمنا ديننا كيف نعتني بالنظافة الشخصية في البدن والملابس والعناية الصحية للفم والأسنان. علمنا أن نفسح المجال للآخرين ضرورة لتمكين الآخرين في أداء الصلاة أون حركة الدخول والخروج فهذا الاهتمام ينم عن وجود المحبة والاحترام المتبادلين فالحاج أو المعتمر ضيف الرحمن وشقيقنا في الدين.
علمنا إماطة الأذى عن الطريق وعلمنا بأن يعطف كبيرنا على صغيرنا وعلمنا أن نحترم ونجل الشيخ والعاجز والمرأة، علمنا الصدق في القول والإخلاص في العمل، وعلمنا أن يسود التآخي والرحمة بيننا، أما الأدلة على ذلك فهي كثيرة وعديدة جداً وكلنا على وعي تام بها، ولكن ما الذي يحدث في كثير من الأحيان ويجعل البعض يتخلى عن هذه القيم والمبادئ التي حثنا عليها ديننا، ربما الغفلة والنسيان وهذا يتطلب قدراً كبيراً من الجهد لنذكر بعضنا البعض بما فاتنا أو ما نجهله وهنا يأتي دور التوعية بشكل عام وفي الحج بشكل خاص حيث يكون هناك تجمع بشري هائل في وقت زمني محدد، همهم الأكبر أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، تركوا ديارهم بعد معاناة ليست يسيرة استعداداً للرحيل ومعظم الحجيج لا يصلون الأرضي المقدسة إلا وهم منكهون من مشقة السفر والتنقل وليس لدى أي منهم متسع من الوقت لمشاهدة المرناة أو حضور محاضرة دينية أو خلافه ربما كل ما يحتاجه هو أن يجد من يرد على استفساراته في بعض ما يشكل عليه ويريد الإجابة وفق مذهبه والغالبية العظمى منهم تؤدي النسك وفق فهمها المسبق ولا تقبل أي فتوى تتعارض مع مذهبها حتى أن بعضهم يلجأ إلى العنف اللفظي واليدوي مع رجال الدعوة بكل أسف. وباختصار شديد كلنا يعرف أن التوعية المميزة في الحج لا بد وأن تفضي إلى سلوك حضاري مميز وهذا لن يتأتى لو استمررنا في أسلوب التوعية المطبق حالياً وفي ضوء ماذكرناه آنفاً، هذا ما يرغب كل منا في طرحه للمناقشة ولدينا نماذج مشرفة لحجاج ماليزيا وإندونيسيا وتركيا، ونأمل من القراء والمهتمين في هذا الشأن بأن لا يبخلوا علينا لإثراء الموضوع وإعطائه حقه من الاهتمام فالثمرة عظيمة.
المدينة 28/12/1430هـ