رحم الله الشاعر الأديب
حتى وإن لم يكن الصديق الحبيب الأستاذ محمد عبد القادر فقيه تغمده الله برحمته من الرعيل الأول من الرواد، فإنه بما خلفه من شعر هو بين الأوائل من المبدعين الذين ارتقوا بالمعنى والمبنى في نتاجهم الأدبي اتساقا مع ما يتمتع به من سمو الأخلاق ورفعة الأدب.
تعرفت عليه رحمة الله عليه في السنوات الأخيرة من السبعينات الهجرية عندما كان مديرا لمكتب المطبوعات بمكة المكرمة، وذهبت إليه مع أخي الأستاذ عبد الله الداري لاستشارته في مشروعنا الذي كنا نعتزم القيام به، وهو العمل على جمع نتاج شعراء الشباب في ديوان وتقديمه للقراء كأول عمل نقدم به أنفسنا إلى القراء.
فقد كان الأستاذ الداري محررا غير متفرغ بصحيفة «حراء»، كما كنت سكرتيرا لمدير مكتب «البلاد» بمكة المكرمة، لكن تعلقنا بالأدب دفعنا للتفكير في المشروع الذي حلمنا بالقيام به، ولم نتمكن من تحقيقه رغم المساعدة الكبيرة التي قدمها لنا الأستاذ الكبير محمد عبد القادر فقيه رحمه الله.
فقد أعاننا بالكتابة لرصفائه من الشعراء لموافاتنا بنتاجهم، فلما تجمع لدينا ما وصل إلينا من رصفائه وما تسنى لنا الحصول عليه من معارفنا الذين كان منهم الأستاذ عبد الغني قستي، والأستاذ محمد الشبل، والأستاذ محمد سراج خرار، والأستاذ محمد مليباري. تقدمنا به لإدارة المطبوعات التي يتولاها الأستاذ محمد فقيه في مكة المكرمة لإجازته رسميا وخلال أيام أعاد مشروع الكتاب بعد أن أضاف إليه المجموعة التي اختارها من شعره الرائع والذي ضمنه فيما بعد الديوان الذي أصدره بعنوان ((أطياف من الماضي)) بمقدمة كتبها الأستاذ الكبير عبد العزيز الرفاعي عليهما رحمة الله.
وقبل أن تسألوني عن الكتاب إياه.. فإني من ذلك التاريخ وأنا أسائل أخي الأستاذ الداري عن مصيره بعد أن سلمه للأستاذ الكبير أحمد محمد جمال رحمه الله ليكتب مقدمته ومنه للمطبعة، ثم ضاع بين المطبعة وبين الأستاذ الداري.
أعود لشعر الأستاذ محمد فقيه رحمه الله، ومن ((المجموعة الكاملة)) أختار ما أختم به ما كتبت قصيدة له عنوانها «يا شاعر الأمس» وفيها يقول:
يا شاعر الأمس.. كان.. الأمس رابية
مخضلة تتبارى فوقــــهــا الســـحب
للذكريات على آفـــــاقــهــــا هزج
وللأحبــــة في أفيـــائــهـــا صخب
يا شاعر الأمس.. مات الأمس وانتثرت
أطيـــافه وتهـــــاوت وهي تنتحــب
بلغ سلامي على ربع الحجــون ومــن
أبصرت من رائح فيه ومــــن غــادي
على الذيـــــن شـــبابي من شبابهم
وزادهم من حنـــين جـــــارف زادي
على منــــاهل حـــب قد نهلت بهــا
صفو الوداد فروت قــــلبي الصــــادي
والعاطفين على جرحي ومن نغـــروا
تلك الجراح بلؤم غـــير معتـــــــــاد
والجاحدين لحقي والذيــــــن جفـوا
فعــاضني الله عنهم حــــــب أولادي
رحم الله الأستاذ الحبيب محمد عبد القادر فقيه وألهم أشقاءه وأبناءه وبناته وأحباءه الصبر وجميل العزاء.
و «إنا لله وإنا إليه راجعون».
عكاظ 2/1/1431هـ