هل يكون لهذا الفشل أب؟!

يقال في بلاد الغرب إن النجاح له ألف أب كل واحد منهم يدعي أبوته له أما الفشل فليس له أب، لأن كل إنسان يحاول التبرؤ من تبني الفشل ويتملص منه إن حاول أحد من الناس نسبته إليه، لأن الفشل لا يشرف فليس من العقل قيام إنسان بتبنيه فيظل مثل مجهول النسب بل أشد منه وأنكى لأنه يظل مثل كرة النار تقذف من يد إلى يد لأن أحدا لا يريد أن تستقر في يده فتحرقها، وقد لاحظت أن المثل الغربي الآنف الذكر قد انطبق على ماحصل في جدة من مأساة إنسانية عظيمة بعد سيل الأربعاء الذي يذكرنا بسيل الأربعاء الذي شهدته أم القرى سنة 1388هـ وتسبب في مصرع وفقدان المئات، ووصلت المياه في الحرم إلى نصف الكعبة، ولكن وسائل الإعلام في حينه كانت متواضعة فلم تبرز تلك المأساة في حينه إعلاميا، وأصبح جزءا من تاريخ البلد الأمين.

أما ما حصل في سيل الأربعاء في جدة من سنة 1430هـ فقد كان تحت الأضواء الكاشفة وقد استدعى ذلك وجود تحقيقات واستدعاءات تمت بأوامر سامية، ولذا أصبحت أكثر من جهة وشخصية إدارية ومالية وفنية تتبرأ من تبني ما حصل من فشل، وكل جهة أمست تدعي أنها قامت بواجبها خير قيام وأن التقصير قد جاء من جهة أخرى حتى الجهات التي تعتبر ليست بذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة «خشت» نفسها وأخذت تتبرأ من الفشل الذي حصل وأنها ليست أباه أو أمه مشيرة إلى جهة أو جهات أخرى قد تكون أبعد منها من حيث المسؤولية عما حصل، ولكن الأوضاع النفسية التي يعيشها بعض الناس تجعلهم يتوهمون أن إصبع الاتهام بالأبوة للفشل قد تتجه نحوهم فيرون أن من الحصانة المبادرة إلى تبرئة أنفسهم حتى أصبح ينطبق على بعضهم المثل العربي القائل: «كاد المريب يقول خذوني».

ولو كان الجميع أصحاب كياسة وفطنة لا تنظروا ما ستفعله لجنة التحقيق فإن شملهم الاستجواب أو دعوا للإدلاء بشهادة فعلوا ما يطلب منهم، ولكن «الخفة» جعلتهم يبدؤون في التبرؤ والدفاع عن أنفسهم وسلوكهم دون أن يوجه إليهم سؤال رسمي واحد. وهؤلاء أنفسهم لو حصل نجاح في جزر الواق الواق لادعوا أنهم كانوا وراءه، ولزعم كل واحد منهم أنه أب شرعي لكل نجاح؟!.

عكاظ 6/1/1431هـ