إمامة الحرمين الشريفين

تعد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين بمكة المكرمة و المدينة المنورة تطلعاً لا يضاهيه تطلع لأي إمام، فعدا فضل الصلاة المضاعف في هاتين البقعتين الطاهرتين، فإن إمامة أحد الحرمين تبقى موقعاً مرموقاً في العالم الإسلامي بأكمله، وما مظاهر الاحتفاء بأي إمام من أئمة الحرمين أثناء زياراته لأحد البلدان الإسلامية إلا دليل على ما يحيط موقعه من إكبار و إجلال، و لعل هذه الأهمية و المكانة هي التي تدفع المسؤولين عن شؤون الحرمين إلى اختيار الأئمة وفق ضوابط و شروط عديدة منها سلامة العقيدة و سعة العلم و الفقه.... فضلاً عن حفظ القرآن الكريم و تجويده.

وقد شهد الحرمان الشريفان خلال العقود الماضية عدداً من الأئمة الذين أسروا قلوب المصلين بجمال أصواتهم وحلاوة تلاواتهم كالشيخ الخياط و ابن صالح و الحذيفي و الخليفي و... و... والسديس والشريم و المعيقلي و غيرهم.

ورغم أن هناك شروطاً عديدة ينبغي لمن يرشح لإمامة الحرم أن يتسم بها و تتوافر فيه ؛ لكن يبقى جمال الصوت و حسن التلاوة هما أول السمات التي تبرز لدى إمام الحرم ؛ إن حسن تلاوة الإمام عموماً هي عنوانه العريض الذي يرغب المصلي في الصلاة خلفه، و لهذا فإن أي شروط أو سمات تتطلبها الإمامة بشكل عام - تظل رهناً بامتلاك جمال الصوت من عدمه، و لئن كان هذا مطلبنا في أي إمام، فإن هذا المطلب يزداد أهمية في أئمة الحرمين الشريفين لعدة أسباب منها أهمية هذا الموقع على المستوى العالمي و بخاصة في ظل الانتشار الفضائي، و تدشين قناة القرآن الكريم مؤخراً،والتسجيل الصوتي لتلاوات الحرمين التي تبلغ الآفاق ثم إن جمال الصوت هو السمة العامة المتاح تلقيها من الإمام لجميع المصلين دون استثناء فالملايين التي تؤدي الصلاة في الحرمين قد لا يتسنى لها الوقوف على علم شيوخ الحرم و فضلهم، و لكن المؤكد هو ملامسة صوت إمام الحرم لقلوبهم قبل آذانهم.. . ثم إن إمامة الحرمين الشريفين تعد شرفاً لا يضاهيه شرف و فضلا لا يدانيه فضل ؛ و لهذا فإن مجالات الاختيار فيه رحبة بامتداد الوطن.. و خاصة في ظل توجه خادم الحرمين الشريفين إلى التنوع في الأئمة من كافة أصقاع الوطن، لأن هذا حتماً يشجع على الاختيار على أساس جمال الصوت و تميزه إضافة إلى السمات الأخرى.. و لأن جمال الصوت ملكة و نعمة من الله فما الذي يمنع من حصر بعض الأئمة من أصحاب الأصوات المميزة جداًَ و العمل على إعدادهم و تهيئتهم لإمامة الحرمين الشريفين ضمن مشروع ممتد يضمن توفر عدد مناسب من الأئمة المؤهلين صوتياً وعلمياً وفقهياً و خطابياً بما يتناسب مع إمامة الحرمين الشريفين.

إننا بطرحنا هذا لا نقلل من أي من أئمة الحرمين الشريفين فجميعهم نحسبهم ممن يتسم بالخير و الصلاح و الفضل – بإذن الله تعالى – و لكن التطلع إلى وجود عدد من الأئمة المميزين بجمال أصواتهم و حسن تلاواتهم يبقى مشروعاً فقد أثبتت سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم سماعه القرآن من بعض الصحابة ممن يتسم بحلاوة الصوت و جماله وثناءه عليهم. و كل ذلك يؤكد الانحياز للصوت الحسن. بل إن السعي إلى توفر أئمة متميزين بتلاواتهم سيغلق الباب أمام بعض المطالبات التي تنادي باختيار أئمة من شتى أقطار العالم الإسلامي لإمامة المصلين في الحرمين الشريفين اعتقادا منها بعدم إمكانية إيجاد أئمة بأصوات متميزة. !!

نبضة تأمل:
إذا كانت الكلمة سحر الأذهان، فالصوت هو سحر القلوب و الآذان !!.

المدينة 13/3/1431هـ