حامد مطاوع.. رجل فكر، ومعلم جيل

انتقل الى رحمة الله فقيد الصحافة السعودية المثقف الأديب الاستاذ حامد حسن مطاوع بعد رحلة طويلة حافلة بالمعطيات الخيرة في مجال الكتابة الصحفية ورئاسة تحرير جريدة (الندوة). في عصرها (الذهبي).

ــ كانت فترة رئاسته لتحرير (الندوة) متميزة بالاستقرار، وبروز عدد من كتابها ومحرريها في العمل الصحفي هم الآن من خيرة الكتاب والمحررين في بعض الصحف السعودية، فقد كان (أبو أنمار) معلماً ماهراً نجح في اعداد هذا الجيل الذي يذكره بكل خير.

ــ ان من تعامل معه وعرفه عن كثب يرى فيه الشخصية الجذابة المكسوة بالوقار (مظهراً ومخبراً)، المتعاطفة مع أحوال الناس خاصة مع الضعفاء والمحتاجين.. خدمهم بقلمه، وساعدهم بوجاهته، وكان لـ (الندوة) في عهده صوتها المسموع الذي يلاقي تجاوب المسؤولين، وحوله عدد من المحررين الأوفياء للكلمة الصادقة ينهجون اسلوبه في طرح الاراء والأفكار الناضجة مما جعل جريدة (الندوة) في الصدارة، والأكثر توزيعاً بين الصحف السعودية، ومن بينهم أخي الشاعر الاديب الكاتب المعروف (محمد أحمد الحساني) صاحب الرأي الصريح، الذي كسبته (عكاظ) كاتباً لأحد اعمدتها اليومية البارزة.

| ولقد كان لي شرف العمل بالجريدة ابان رئاسة الاستاذ حامد مطاوع كاتباً متعاوناً، ثم محرراً (غير متفرغ) للصفحات التربوية.

وفي تلك الاجواء المتسمة بالحركة الجادة تعلمت ابجديات الصحافة، وتفاعلت بعزيمة صادقة مع متطلبات العمل الصحفي.. ولعلها كانت فترة اعدادية لمراحل متتالية اكثر صعوبة قضيتها مع من خلفه من رؤساء التحرير وهم الاستاذ يوسف حسين دمنهوري رحمه الله، والاستاذ فوزي عبدالوهاب خياط، ثم الدكتور عبدالرحمن سعد العرابي الذي منحني دعمه وثقته اثناء اشرافي على (الملحق الادبي).

وعندما انتقلت الى جدة مستشاراً ثقافياً في منتدى (الاثنينية) للشيخ الاديب عبدالمقصود محمد سعيد خوجه سعدت كثيراً بحضور ابي أنمار في امسيات التكريم، وكان محل احترام وتقدير الشيخ عبدالمقصود له.

| كان (حامد مطاوع) رحمه الله ــ كما قال اخي الاديب الشاعر فاروق صالح بنجر :(رجل فكر وحكمة، وسداد رأي وبعد نظر).. صمته حكمة، وحديثه مفيد لسامعه.. ولطالما ادلى بالرأي السديد الذي يكون مفتاح الحل للكثير من المشكلات.

| وتعيدني الذاكرة الى تلك الامسية الشائقة التي كرم فيها استاناذ حامد مطاوع، حين احتفت به (الاثنينية) في 3/7/1415هـ الموافق 5/12/1994م، بحضور عدد من الادباء والمثقفين.. وقد تحدث عنه محبوه بما شهدوا له به من خصال حميدة وأعمال مجيدة:
ــ قال عنه الشيخ عبدالمقصود خوجه : (ان الاستاذ الكبير حامد حسن مطاوع ــ الذي نتشرف بالاحتفاء به هذه الليلة ــ يعتبر من الأساتذة الذين قامت على عاتقهم النهضة الصحافية في بلادنا.. وصاحب حاسة أدبية ارتفعت بالقيمة التحليلية التي امتازت بها كتاباته، الى درجة اكسبته طابعاً مميزاً أصبح معروفاً به، وبخصائصه وبصماته الذاتية).

ــ كما اشاد معالي الاستاذ حسين عرب رحمه الله بخلقه وحسن تعامله مع الآخرين فقال : (انه يمثل الرجل المسلم المؤمن الصادق المتعقل، الذي لا يتغير، ولا يغدر، ولا يخون.. ولا يكذب.. وهو الناصح العاقل الصديق لكل من يتعامل معه.. كثير الفضائل التي ربما يحتاج الى من يحصيها الى مؤلف أو كتاب).

ــ أما تلميذه الوفي الاستاذ محمد احمد الحساني فقد تحدث عن الجانب الانساني في شخصية الاستاذ حامد مطاوع قائلاً: (كان من اصحاب الشفاعات الحسنة، يوظف علاقاته مع ولاة الأمر والمسؤولين لخدمة من حوله، ومن يطرق بابه من اصحاب الحاجات، حتى ان مكتبه في الجريدة كان يتحول كل مساء الى مكتب خدمات للمحتاجين الذين يتسلمون ــ بيد الشكر ــ خطاباته النبيلة الحاملة لشفاعاته الحسنة، وهم متفائلون بنجاح مساعيهم، وأن التوفيق سوف يكون حليفهم، لأن صاحب الشفاعة لا يريد منهم جزاء ولا شكورا، وكنا نرى الفرح يشع من عينيه عندما يبلغه ان حاجة من سعى اليه قد انقضت، ويهتف قائلاً : الحمد لله رب العالمين).

وبعد : لعل هذه الومضات السريعة توحي بما كان يتمتع به فقيدنا الراحل الاستاذ حامد حسن مطاوع من صفات وفضائل ظلت تميزه طيلة حياته، الى أن اختاره الله تعالى الى جواره الكريم.

ــ أسأل الله ان يجزيه خير الجزاء على كل ما قدمه من أعمال صالحة، وخدمات نافعة لمجتمعه، وان يجعلها في ميزان حسناته ليوم (لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
(إنا لله وإنا إليه راجعون).

الندوة 12/4/1431هـ