مــع الفـجــــررحلات الحج في جمهرة الرحلات 1 ــ 2
من أمتع ما يمكن أن يطالعه القارئ من كتب التاريخ هو ما احتوى على مسيرة المشاهير من العرب.
ففي مطالعة مسيرة الرحالة ما يثري الفكر بالمعرفة والمعلومات العامة عن الأوطان وثقافات أهلها وعاداتهم وتقاليدهم.
ولئن قال الشاعر الإنجليزي الشهير (كبلنج) صاحب المقولة المشهورة: الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا)) بأن «من لا يعرف بلده من لا يعرف إلا بلده»، فقد قال الشاعر العربي من قديم:
((سافر ففي الأسفار خمس فوائد)) .
.. الأستاذ الكبير الباحث القدير أحمد محمد محمود أصدر مؤخراً ثلاثة أسفار اشتملت على مختصر مفيد وقراءة ذكية لرحلات المشاهير ضمن سلسلة يعتزم الاستمرار في إصدارها تحت عنوان: ((جمهرة الرحلات)) .. وقد جاء السفر الأول والثاني بعنوان ((رحلات الحج)) أما السفر الثالث فقد كان بعنوان:
رحلات الحج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة
التي يقول عنها: إن هذه الأسفار الثلاثة من ((جمهرة الرحلات)) والتي آمل أن تمتد حلقاتها لتشكل «موسوعة» في أدب الرحلات تساهم في تسهيل وصول المهتمين بهذا اللون من الأدب إلى بعض المتعة والفائدة التي وجدتها أثناء مراجعتي وتلخيصي لها، أي لرحالة من مسلمين وعرب وأجانب من النصارى، كتبوا عن رحلتهم إلى الحج وزيارة المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
وفي المقدمة يقول الأستاذ أحمد محمود عن محتوى الجزء الأول والثاني: من مننِ الله على خلائقه أن جعل الترحال سنة من سننه الكونية، فمنها ما هو هجرات بشرية عمرت نواحي الأرض، ومنها ما هو رحلات للأنبياء لنشر دين الله والدعوة إليه، ومنها ما هو رحلات لمنافع الأفراد والجماعات، ومن أشهرها: رحلة الشتاء والصيف التي تزعمتها قبيلة قريش، وأشار إليها القرآن الكريم (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) ومنها رحلات تلبية لأداء واجبات دينية كالحج إلى بيته الحرام، حيث كان أمر الله لأبي الأنبياء (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق .. الآية) ، وزيارات المساجد المشروع شد الرحال إليها، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا – المسجد النبوي – والمسجد الأقصى، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ومن أشهر رحلات الأنبياء قديماً، ما ورد في القرآن الكريم، عن رحلة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، لما اشتد عليه عداء قومه من عبدة الأصنام، فقال عنه القرآن الكريم: (إني ذاهب إلى ربي سيهدين).
وبعد أن يذكر رحلات بعض الأنبياء عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يتحدث عن رحلات المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول: أما خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد تنوعت رحلاته بعد بعثته، كما أشار إلى ذلك الإمام ابن القيم بين: سفر للهجرة، وسفر للجهاد، وسفر للعمرة، وسفر للحج، ثم اختصه الله تعالى في هذا الباب برحلة الإسراء والمعراج.
وأنا أتبرك بجعل لمحة من حديث هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في مقدمة هذا السفر، الذي جمعت فيه عدداً من رحلات الحج، مما اهتم أصحابها بتدوينها، من العلماء والمشاهير وعامة الناس.
وهنا لا بد من تقرير حقيقة وهي أن هذا السفر ليس من «تأليفي» بل يصح القول إن مؤلفيه أصحاب الرحلات عالماً ومفكراً ورجالاً عاديين، وأن مؤلفيه هم من كتبوا هذه الرحلات، وليس لي فضل فيها إلا جمعها، وتلخيصها)) .
وإلى الغد لنتحدث عن الجزء الثالث الصادر بعنوان (الرحلات المحرّمة) .
عكاظ 26/4/1431هـ