الفلاح ومدارس الزبرقة

بشرني أخي الدكتور عبد العزيز سرحان المشرف العام على مدارس الفلاح في مكة المكرمة بأن هذه المدارس العريقة التي يبلغ عمرها نحو مائتي عام حققت المركز الأول على جميع مدارس أم القرى والسابع على مستوى المملكة وفق تقييم علمي دقيق محايد قامت به جامعة البترول والمعادن بعد الاطلاع على نتائج الطلاب ومستوياتهم الدراسية وتفوق من التحق منهم بالجامعات ومنها جامعة الملك فهد في الدمام.

هذه المدارس الأهلية التي أسسها آل زينل ودعمتها الدولة فيما بعد بالمقررات والمعلمين كان من أسباب نجاحها إخلاص من أنشأها أول مرة وحرصه على أن يكون هدفه من إقامتها طلب الأجر من الله لا السعي وراء السمعة الحسنة والثناء الاجتماعي العطر، لذلك ظلت مدارس الفلاح تخرج أجيالا بعد أجيال فكان من خريجيها الوزراء والعلماء والأدباء وكبار الأسماء، وقد سمعت أحد الوزراء يفاخر في مجلس اجتماعي بأنه «فلاحي»، وكان للمدارس من اسمها نصيب وافر، ولما ضاق مبناها القديم بطلابها قيض الله لها رجل بر وإحسان هو الوجيه الحقيقي الشيخ إبراهيم الجفالي ـ رحمه الله ـ الذي بادر بشراء أرض واسعة كانت تقام عليها مباريات كرة القدم بين الأندية الكبرى مثل الاتحاد والوحدة والأهلي تسمى «ساحة إسلام»، ودفع ثمنا لها أكثر من ثلاثين مليون ريال وقوتها الشرائية في الوقت الحالي تزيد على مائة وخمسين مليون ريال ثم ساهم أخيار آخرون في جمع التبرعات لها لإعمارها وكان منهم السيد إسحاق عزوز ـ رحمه الله ـ والدكتور محمد عبده يماني والسيد أمين عطاس ـ حفظهما الله ـ، وغيرهم من المحسنين حتى تم جمع عشرات الملايين وإقامة المباني الحالية للمدارس وتزويدها بالأجهزة والوسائل التعليمية الحديثة واختيار أفضل القيادات التربوية لها ومنهم المربيان الفاضلان الأستاذان عبد الله بحاوي وعبد الله المالكي اللذان عملا نجمين في إدارة مدارس العاصمة المقدسة ولما تقاعدا استفادت منهما الفلاح في إدارة مراحلها المختلفة.

إن النوايا الحسنة والأهداف المخلصة التي بنيت عليها مدارس الفلاح كانت وراء نجاحها واستمرارها في العطاء، على مدى عقود من الزمن ولعلها تكون نموذجا يحتذى لبقية المدارس الأهلية في أم القرى وغيرها من المدن والمحافظات، فلا يكون الاهتمام بالشكل دون المضمون أو إدعاء تحقيق سبق أو تقدم في مناشط ثانوية، وإنما يكون مربط الفرس ما تحققه المدارس الأهلية لأبنائها من تربية حسنة ومستوى تعليمي يؤهلهم لتحقيق مراكز متقدمة في الامتحان واختبار القياس والدراسة الجامعية عند نزولهم إلى معترك الحياة.

عكاظ 16/6/1431هـ