كيف صوّرت فنانة سعودية البيئة المكية بلوحاتها التشكيلية

تدفع المشاعر المرهفة الفنان التشكيلي لتخطي المألوف وترجمة هذا الشعور بلوحات إبداعية.. وهذا ما فعلته شابة سعودية، حين اختارت مشروع تخرجها للحصول على البكالوريوس في التصوير التشكيلي والطباعة من جامعة الأميرة نورة - كلية التصاميم والفنون - بعنوان " ذوبان الأعراق في مكة المكرمة ".

نوف العريني (23 عاماً من مواليد الرياض) تحدثت  عن مشروعها الفني، قائلةً: "ما يحرك ريشة الفنان هي أحاسيسه.. وأنا أرسم بقلبي قبل كل شيء، ودائماً تثير مشاعري بيئة مكة المكرمة، وتحديداً مشاهد الحج والعمرة، وكثافة الناس واختلاف أعراقهم وثقافاتهم وبيئاتهم، وكيف لكل تلك الاختلافات أن تمتزج وتذوب مع مساحات السماحة والطهر والبياض، فتلغي كل الفوارق التي تحجبنا عن بعضنا، لنصبح كأننا من عرق واحد، تتحد قلوبنا لوجهة واحدة، ونقف بخضوع وتذلل تحت كلمة الله أكبر".

أضافت: "تشرفت بحضور كبار الفنانين بالساحة الفنية لمعرضي، وإشادتهم بمستواي الفني، وطريقة طرح الفكرة وكيفية تناولها، ومنهم الفنان التشكيلي إبراهيم الفصام والفنان علي الرزيزاء ورسام الكاريكاتير عيسى التميمي".

قصة موهبتها في الرسم

ذكرت نوب أنها لاحظت موهبتها قبل دخولها المدرسة، فحبها للرسم ينمو بداخلها منذ الطفولة ومنذ بدأت تستوعب الأشياء من حولها. ومارسته هواية كثيراً في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، لكنها أصبحت تمارسه بشكل أقل كثافة في المرحلة الثانوية. لكن عند دخولها كلية التصاميم والفنون قسم تصوير تشكيلي وطباعة، أصبحت تتطور هذه الموهبة يوماً بعد يوم، وبدأت بتجربة كل الخامات والأساليب الفنية، لمعرفة أقرب أسلوب فني لها، فتعلمت أساسيات التصوير والتكوين واستخراج الألوان ودمجها، فكانت انطلاقتها الحقيقة في الفن التشكيلي في آخر مراحل تعليمها الجامعي.

وعن هذا الموضوع قالت: "لا شك في أن الدراسة تزيد من قوة الموهبة، فهي وحدها لا تكفِ، وتحتاج للممارسة والتعلم والثقافة. الرسم كأي موهبة أخرى تحتاج أساسا قويا، مثل عندما تشرع في بناء منزل، لابد أن تأسسه قبل كل شيء تأسيسا صحيحا، ثم بعد ذلك تقوم بطلائه بأي لون تريد".

وأضافت: "قبل دخولي لكلية التصاميم والفنون، وتحديداً في مرحلة الدراسة المدرسية، كنت أعتمد على أقلام رصاص عادية وألوان خشب، ولم أجرب من قبل الرسم بالريشة، ولا أن أقف أمام لوحة كبيرة. ساعدني تخصصي في معرفة جميع أساليب الفن وفتح لي طرقا كثيرة ووسع مداركي. وتعلمت أن على الفنان أن ينظر لما هو وراء الشكل، وليس الشكل نفسه، فمثلاً عندما أرسم لوحة لطبيعة صامتة، يجب علي قبل كل شيء أن أراعي النسب وأسس التكوين وتوزيعها في العمل، ومن ثم تجرد العناصر وتحللها لأشكال هندسية لتبسيطها، مع مراعاة أحجامها بالنسبة لبعضها البعض، وأيضا يجب مراعاة الظل والنور وطريقة مزجي واختياري للألوان".

وأبانت أنه "كلما زاد اختلاطك بناس غيرك، وغير ما يدور برأسك، تبدأ تدرك ما حولك أكثر، وتلحظ وجهات النظر المختلفة والزوايا المختلفة لنفس المنظر"، مضيفةً: "ما يحدث في المجتمع، يكسب أعمالك الوعي والمصداقية في الطرح وتناول المواضيع المتكررة بشكل غير تقليدي وغير مألوف".

"أكتشف نفسي كل يوم"

وفي الحديث، استطردت نوف قائلةً: "بشكل عام ما زلت أكتشفت في نفسي كل يوم شيئا جديدا، لا أتجه لمدرسة فنية محددة، لكن آخذ من كل مدرسة شيئا، وعادة ما تطغى على أعمالي مشاعري التي تظهر من خلال الألوان أو المحتوى. غالباً أحب الألوان المفرحة والقوية، ولا أميل إلى الألوان الداكنة، أو التي تعبر عن الحزن إلا إذا تطلب العمل ذلك".

وتابعت: "أستقى أفكار أعمالي مما يلفت مشاعري أولا قبل نظري، بغض النظر عن الموضوع، فدائماً أبحث عما يلامس بداخلي شيئاً. أحاول قبل كل شيء أن أكون مقتنعة بما أفعله، ورؤيته بزوايا مختلفة، كما أحاول تطوير رؤيتي للأشياء، ليس كما اعتدت، فذلك يساهم في تعزيز حسي الفني، وبالتالي يساهم في إنتاج أعمال تشبهني وذات مضمون قوي".

وختمت حديثها: "نشأت في أسرة ساعدت في تقدمي ودعمي بكل الطرق، وأيضا بيئة القسم من هيئة التدريس وزميلاتي الفنانات، دائماً ما يشجعنني وينقدنني بما يساعد في تطويري فنياً، وبإذن الله أطمح أن تكون لي معارض شخصية مستقبلاً، وأخطط لإنتاج أعمال أخرى، وأطمح في إكمال الماجستير والدكتوراه، لأصبح فنانة لها أثر على الساحة الفنية، وأساهم في تطوير ونشر ثقافاتنا للعالم، وأن أمثل وطني وديني بما يليق.