د.أبو سليمان: لا بد من مرجعية علمية دائمة للمشاعر المقدسة‏

أكد الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان أهمية وجود مرجعية علمية دائمة للمشاعر المقدسة ، وأن الواقع يفرض المبادرة ‏بتأسيس هيئة متخصصة دائمة في أمور المشاعر تمنح

أكد الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان أهمية وجود مرجعية علمية دائمة للمشاعر المقدسة ، وأن الواقع يفرض المبادرة ‏بتأسيس هيئة متخصصة دائمة في أمور المشاعر تمنح كافة ‏الصلاحيات بما تفعله، وتحققه بمسؤولة أمام الله ‏والأمة قبل أن تفقد مكة رجالها المخضرمين، وقال إن عدم وجود مثل هذه المرجعية، سيؤدي في المستقبل إلى لبس كبير، وخلط للحقائق كما حدث ‏بالنسبة حالاً في توسعة المسعى ، وأضاف ابو سليمان : أنه لو كان لهذه الهيئة وجود سابقاً توثق المشاعر شرعاً، وتوقع ‏كافة التغييرات هندسياً لكل ما جرى ويجري من تغييرات ‏على هذه المشاعر لكفتنا الخلاف فيما جرى حول توسعة ‏المسعى من الناحية الشرقية، ولأغنتنا عن الجهد الذي بذلته ‏الدولة حفظها الله من باب الغيرة على المشاعر، وصحة ‏أداء الحجاج لشعائرهم الدينية، ولما حدث من «اختلاف «حتى ‏تبينت الحقيقة بالوسائل العلمية الحديثة، والشواهد التاريخية، ‏والدراسات الفقهية، وشهادات الأفاضل من رجال مكة ‏المكرمة .. جاءذلك في مقال للأستاذ عبد الوهاب ابوسليمان بعنوان دروس من الاختلاف في المسعى . فيما يلي نصه:
منذ بدأ يظهر قرار مجلس هيئة كبار العلماء بخصوص توسعة المسعى رقم 227، وتاريخ 22/2/1427هـ المتضمن الحكم الشرعي في توسعة المسعى من الناحية الشرقية لم تأل الدولة جهداً بكافة اجهزتها المتخصصة لتحقيق القول لجواز (توسعة المسعى) من الناحية الشرقية، وانها (عزيمة لا رخصة) استنفرت المؤسسات العلمية المتخصصة والادارات ذات العلاقة المباشرة بتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة فاستكتب بعض علماء مكة المكرمة فهم الادرى والاعرف بمواقع المشاعر وتاريخها، وما تم عليها من احداثات وتغييرات، وعمدت هيئة المساحة الجيولوجية اختبار امتداد جبلي الصفا والمروة، واستشهاد سكان اهل منطقة المسعى من كبار المكيين واعيانهم قبل ان يحدث التغيير والتطوير من امثال فضيلة كبير سدنة الكعبة المشرفة الشيخ عبدالعزيز الشيبي، ومعالي الاستاذ الدكتور محمد عمر الزبير وغيرهما من اعيان المكيين، وكبارهم مما جرى توثيقه شرعياً بالمحكمة العامة بمكة، ومن ثم تدوين كل تلك الوقائع في الكتيب المطبوع (توسعة المسعى عزيمة لا رخصة)، وغيره من البحوث العلمية الموثقة التي جاءت نتاج دراسة دقيقة، وبحوث علمية موثقة حتى لم يبق مجال لمخالف، او عذر لذي علم يمنعه من الرجوع الى الحق، فالرجوع الى الحق فضيلة، وهو سمة العلماء المخلصين، كما فعل بعض العلماء المنصفين الذين لم تظهر لهم الحقيقة بادئ الامر، ولما اتضحت لهم الحقائق بالادلة القطعية لم يمنعهم قولهم السابق من التراجع.
ليس هذا الموضوع من اهتمام هذا المقال فقد قال علماء العالم الاسلامي كلمتهم، واصبح جواز التوسعة امراً متفقاً عليه ان لم يكن اجماعاً، بل المقصود منه اخذ الدروس مما جرى والاسباب التي ادت الى ذلك لتلافيها وتفاديها مستقبلا فأمر المشاعر عظيم عند الله (ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب)، ومن تعظيمها اتخاذ كافة الوسائل للمحافظة عليها، وتوثيق معالمها حتى لا تلتبس على الاجيال اللاحقة.
المعروف ان المشاعر المقدسة: عرفات، ومنى، والمزدلفة، والمطاف، والمسعى، والمواقيت المكانية، واعلام الحرم، والجمرات جعل لها الشارع الحكيم حدوداً طبيعية من جبال، ووديان، واكمات، والمحافظة على حدودها وسماتها الطبيعية ضروري ليحول هذا دون اللبس والاختلاف، فمن ثم حافظت عليها الامة على مدى القرون الماضية منذ عهد النبوة حتى العصر المتأخر دون مساس بمعالمها، وطبيعتها، وحدودها، كل هذا كان عن مشاهدة من ابناء مكة المكرمة الذين ولدوا على ترابها الطاهر، يذكرها تماماً الجيل الذي قدر له ان يعيش النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، وقدر الله له ان يشاهد ما يجري على ارض الواقع في الوقت الحاضر مما يثير الجدل والخلاف حول حدودها، وسعتها، ومواقعها بسبب تصرف الشركات المنفذة المكلفة بالتمهيد، واعمال التطوير دون ان يكون لها مرجعية من العلماء الجغرافيين والمؤرخين، والشرعيين لتتصرف الشركات في ضوء توجيهاتهم الشرعية والعلمية بما يحفظ ويحافظ على تلك المشاعر.
الاختلاف اليوم في الساحة العلمية حول بعض حدود هذه المشاعر ومواقعها جدل تتناقله الاوساط العلمية بسبب هذا الفراغ.