العودة للتاريخ والحضارة بـــ " دار الفنون "

العودة للتاريخ والحضارة بـــ " دار الفنون  "
أحمد صالح حلبي

امتاز نادي " قبلة الدنيا " أحد أندية " منصة هاوي " بكونه ناد يجمع محبي تاريخ وتراث مكة المكرمة بهدف تعريف المجتمع بتاريخ المملكة بشكل عام ، وتاريخ وتراث مكة المكرمة بشكل  خاص ، ويعمل بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بتنظيم العديد من الانشطة الاثرائية التي تمنح الفرد فرصة التعرف على تاريخ عدد من المواقع بمكة المكرمة ، ومع بروز " منصة هاوي " ، كإحدى مبادرات برنامج جودة الحياة ، والتي تعمل على تطوير وتفعيل قطاع الهوايات في المملكة العربية السعودية  بإنشاء وتسجيل أندية الهواة ، ودعمها ومؤازرتها ، دخل نادي " قبلة الدنيا " كواحد من الأندية العاملة على دعم وتشجيع الهواة ، وكعاشق لأم القرى وتاريخها وتراثها ، وتشرفت أوائل الأسبوع الماضي بالمشاركة في الرحلة التي نظمها  " نادي قبلة الدنيا " بالتعاون مع " دار الفنون الإسلامية " ، والتي ضمت عددا من المتخصصين والمتخصصات في التاريخ الإسلامي والإعلام ، فكانت رحلة شاملة جامعة تنقلنا فيها بين قرون مضت ، ودول حكمت ، ومدن ازدهرت ، وذكريات مضت ، ووقفات حدثت ، ومن داخل  أروقة متاحف " دار الفنون الإسلامية " ، عشنا ثقافة سياحية ، وترفيها علميا ، وتلقينا رسائل  تربوية ومناهج تعليمية  .

ومن داخل قاعة الخط والمخطوطات والتي تضم " عددًا من المخطوطات القرآنية التي يتراوح تاريخها بين القرن الثاني وحتى القرن الرابع عشر للهجرة " ، تعرفنا على  أدوات  الكتابة التي استخدمت في الماضي ،  وكيفية كتابة وإخراج صفحات القرآن الكريم ، والرسائل والمخطوطات التي كانت تكتب ، فوقفنا نقارن بين معاناة الماضي ، وسعادة الحاضر .

والانتقال من جناح لآخر ، يعني الانتقال من عمل ابداعي لآخر ، ومن تاريخ وحضارة لأخرى خاصة حينما يكون لجناح يضم  "  كسوة الكعبة المشرفة والحجرة النبوية " ، فيقف الزائر قارئا لتاريخ الكسوة ، ومطلعا على نماذج منها ، ومشاهدا لنموذج من المحمل المصري الذي كان ينقل الكسوة من مصر إلى مكة المكرمة ، ثم يتأمل الحاضر ، ويحمد الله أن هيأ لهذه البقاع الطاهرة حكومة عملت على إنشاء مصنع خاص لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة وبأيدي سعودية .  

وإن عرف المتحف  بأنه " دار لحفظ الآثار القديمة، والتحف النادرة، وروائع المنحوتات اللوحات الفنية، وكل ما يتصل بالتراث الحضاري، وقد يضم المتحف أعمالاً علمية أو أعمالاً فنية، ومعلومات عن التاريخ والتقنية " ، فإن متحف " دار الفنون الإسلامية " يمنحك فرصة التنقل بين الحضارة والعلم ، والثقافة والمعرفة ، من خلال قدرته على ايقاظ الذاكرة لقرون مضت ، وأحداث سجلت ، وفي داخل جناح الخزف والزجاج ، يقف أمام تاريخ قرون مضت تروي صناعة الفخار والخزف في العالم الإسلامي  وتطورها ، بدأ من القرن الأول حتى القرن العاشر ، في حين تقف داخل  جناح المعادن الإسلامية أمام مجموعة متنوعة من الأعمال المعدنية التي أنتجها المسلمون منذ فجر التاريخ حتى القرن الثالث عشر ، وتشاهد أكثر من ٥٠٠ قطعة نقدية تداولتها الشعوب الإسلامية منذ العصر النبوي وحتى العصر الحديث في جناح المسكوكات الإسلامية .

فالزائر يتنقل داخل أروقته في رحلة قرون مضت ، ويتوقف أمام حضارات وذكريات ، وبينهما سنين قريبة تحكي قصة " صراف " قدم من مكة المكرمة ، وبدأ حياته من دكان " بشارع قابل قبل أكثر من 70 عاما " ، واضعا وثائقه وأوراقه وسجلاته ،  ومتعلقات الشخصية ، ليروي للأجيال "رحلة الكفاح في الصرافة والأعمال" .

إنها رحلة صالح صيرفي ، الذي يمثل جناحه فرصة لأبناء الجيل الحالي للتعرف على البدايات الأولى ليس لشخص صالح صيرفي ، بل لغيره من الذين كافحوا وصبروا ، ووضعوا قصص حياتهم لتوقظ إحساس الشباب بضرورة  العمل ، وعدم التكاسل .

وفي الختام أقول إن زيارتي ومجموعة من المتخصصين والمتخصصات في التاريخ الإسلامي والاعلام ، لمتحف " دار الفنون الإسلامية " ، لم تكن رحلة ترفيهية ، لكنها مثلت رحلة علمية منحتنا فرصة التعرف على العديد من الأحداث الماضية ، والنجاحات التي حققها العرب والمسلمون في العديد من المجالات ومنها المجال الطبي ، كما أنها أوضحت لنا أن " المرشد المتحفي " ، الذي يقدم  المعلومات التاريخية ، شخصية مميزة تخضع لشروط ومواصفات خاصة ، وهذا ما اتضح من خلال شرح مرشدنا المتحفي الذي قدم المعلومات التاريخية والأثرية الصحيحة .

نقلا عن صحيفة مكة 16 رجب 1445هـ