"الندوة" و"مكة".. بين العاطفة والعقلانية
أثار قرار مجلس إدارة مؤسسة مكة للطباعة والإعلام قبل أكثر من عام بإيقاف صحيفة «الندوة» ردود أفعالٍ واسعة في الوسط الإعلامي السعودي والمجتمع المكي بين مؤيد ومعارض لإيقاف صحيفة «الندوة» التي حملت تاريخاً عريقاً إذ صدر أول عدد منها قبل ٥٧ عاماً. وبين متفائل ومتشائم بصحيفة «مكة» التي انطلقت الاثنين ١٢ ربيع الأول ١٤٣٥ في زمن «الإعلام الجديد». وقد صدر عدد «الندوة» الأخير غرة محرم ١٤٣٤ حاملاً «وداعية» كتبها رئيس مجلس الإدارة أثنى فيها على العاملين الذين بذلوا جهودا كبيرة في سبيل استمرار «الندوة»، ووعد بإشراقة جديدة لصحيفة «مكة» وهذا ما حدث.
وبحكم ملكيتي في المؤسسة كنت من المعارضين في «الجمعية العمومية» لتغيير اسم «الندوة» إلى «مكة». ولكني لا أخفي ارتياحي عندما رأيت اسم «مكة» القوي يتصدر العدد التجريبي الذي وقّعه وباركه الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. وقد ادعى حينها بعض رجال الأعمال المكيين أنه تم تجاهلهم في الاكتتاب بأسهم المؤسسة، وما عايشته شخصياً أن الشركة التي كانت مكلفة بالاكتتاب تعثرت في جمع رأس المال وكان هناك عزوف وتخوف من أهالي مكة للمشاركة في رفع رأس المال بحجة عدم جدوى الاستثمار في مشروع إعلامي يخسر منذ سنوات، وقد زار مندوبو الشركة المكلفة بالاكتتاب عددا كبيرا من التجار في مكة ولكن دون فائدة، ثم تدخل معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة لإنقاذ الاكتتاب وقام بدعوة الشيخ صالح كامل وعدد آخر من رجال الأعمال الذين أنقذوا الاكتتاب. وقد اقتنع عدد قليل من رجال الأعمال المكيين بالمشروع من أجل خدمة مكة وأهلها وساهموا في رفع رأس المال.
وقد اعترض البعض على تغيير اسم صحيفة «الندوة» إلى «مكة» بحجة أنه غير قانوني وهو اعتراض غير دقيق في حكمه؛ لأن اسم المؤسسة منذ تأسيسها هو: «مؤسسة مكة للطباعة والإعلام» وهي التي كانت تملك حق إصدار صحيفة «الندوة»، ومن حق المؤسسة وبعد موافقة المقام السامي ووزارة الثقافة والإعلام تغيير اسم الصحيفة الصادرة عنها واستعادة اسم «مكة» الذي هو في الأصل موجود في اسم المؤسسة. وفي جعبتي أسئلة مهمة للذين يتباكون على «الندوة»: أين كنتم عندما كانت الندوة تعاني وترزح تحت وطأة الديون والمشاكل الإدارية والمالية والتحريرية؟ وأين كان دوركم الإيجابي تجاه الصحيفة المكية الوحيدة بالاشتراك والإعلان والدعم والكتابة؟ وأين كنتم عندما تم فتح الاكتتاب في صحيفة «مكة» ولماذا عارضتم الاكتتاب حينها؟ وماذا يفيد البكاء الآن بعد أن وصلت «الندوة» إلى ما وصلت إليه من مستوى متدن لا يُمكّنها من المنافسة في زمن «الإعلام الجديد» الذي لا يرحم الضعيف والمتعثر والفاشل وكان التغيير مطلبا. وكان لزاماً على ملاكها الفرار من الاسم الذي بات خاسراً في سوق الإعلام والإعلان؟. وأخيراً أقول إن العاطفة تجعلنا نحزن على طي صفحات «الندوة» بعد ٥٧ عاماً، ولكن العقل يدفعنا نحو مباركة الخطوة التي اتخذها نخبة من رجال الأعمال الذين يملكون مؤسسة مكة الإعلامية حالياً، وعلينا التفاؤل بمستقبل مشرق إن شاء الله لصحيفة «مكة».
مكة 1435/3/14هـ