سوف أحدثكم عن مسار قطار الحرمين، وهو مشروع مختلف تماما عن مشروع قطار المشاعر المقدسة الذي يعتبر من مشاريع المترو أو الترام أكثر من كونه مشروع قطار، وبحدود معرفتي فإنه رغم ملايين الرسائل البريدية التي تتحدث عن عربات قطار المشاعر لم أجد أحدا يلتفت إلى الأسئلة الكثيرة التي تحيط بمسار قطار الحرمين من جدة إلى مكة، باستثناء ما كتبه الزميل عبد العزيز السويد في صحيفة الحياة!.

ما نريد أن نلقي الضوء عليه هنا لا يتعلق أبدا بتكلفة المشروع أو كفاءة التشغيل أو ألوان العربات بل مسار السكة الحديد التي سوف يمر عليها هذا القطار، حيث تم تخطيط المسار انطلاقا من فكرة في منتهى البساطة ملخصها: تغيير معالم مدينة جدة وتحويل شمالها إلى جنوب وشرقها إلى غرب كي يذهب هذا القطار بعون الله وتوفيقه إلى مكة!.

فالمعلومات التي تتردد داخل أروقة الجهات المعنية بالتنفيذ تقول إن جزءا كبيرا من هذا المسار سيكون في الجزيرة الوسطى في منتصف الطريق السريع إلى مكة، ولتفادي خطورة حركة القطار على السائقين الداخلين والخارجين من وإلى جدة سيتم بناء جدارين من الصبات الأسمنتية بطول ستة أمتار على جانبي الجزيرة الوسطى (تخيلوا المنظر الكونكريتي من نافذة القطار!).

كما تدور أقاويل داخل الجهات الحكومية الكثيرة ــ التي لها علاقة بهذا المشروع وتدور بينها خلافات كثيرة بسببه ــ بأنه ستتم إزالة سبعة كباري حيوية في قلب مدينة جدة تم تنفيذها وفق أحدث المواصفات من أجل عيون القطار، وهو الأمر الذي سوف يزيد الاختناقات المرورية في هذه المدينة المزدحمة وسيهدر الأموال التي تكبدتها الدولة لبناء هذه الجسور والكباري، بالإضافة إلى الأموال التي يحتاجها المشروع لنزع ملكية الأراضي والعقارات المجاورة للجسور، وكل ذلك سيحدث بمنتهى البساطة، رغم أن تحريك المسار لمسافة قصيرة باتجاه الشرق سوف يجعله يمر في أراضٍ فضاء مملوكة للدولة ولا تحتاج إلى نزع ملكية.

 أما المعلومة الأكثر طرافة فتقول إن إدارة النقل في جدة أخذت ما يقارب أربعة أمتار قبل عدة سنوات لصالح الطريق السريع من أجل تنفيذ مسار إضافي في الاتجاهين ولكن الذي سوف يحدث الآن هو العكس تماما حيث ستقتطع عدة أمتار من الخط السريع لصالح الجزيرة الوسطى، أما الصبات الأسمنتية الجديدة فسوف يتم الاستغناء عنها وجلب صبات جديدة بطول ستة أمتار.. وهكذا (شيل وحط) ومئات الملايين تتبخر في الهواء الطلق، ومدينة تتغير اتجاهاتها بسبب سوء التخطيط والاستعجال في التنفيذ.. وبهذه المناسبة أهديكم أغنية محمد عبد الوهاب: ( يا وابور قولي رايح على فين؟!).

عكاظ 15/7/1431هـ

klfhrbe@gmail.com