السيد أحمد عبدالوهاب

مصطفى محمد كتوعة

 

 



السيرة الحسنة دائما ما تقترن بالدعوات الخالصة لأصحاب المرؤة وحميد الخصال والقيم التي لا يغني عنها من عرض الدنيا شيء، وهي مما تزن به مقادير الرجال وعند الله أعظم جزاء، وما أسعد الإنسان عندما تأتي مثل هذه السيرة الطيبة عن شخصية عزيزة في القلوب وكبيرة في مكانتها وأخلاقها ومناقبها ومواقفها وما تتسم به من صدق المشاعر والمواقف تجاه من يعرف ومن لا يعرف، وهو معالي السيد أحمد عبدالوهاب رئيس المراسم الملكية سابقا (متعه الله بالعافية) وقد عرفناه على هذه الخصال الكريمة والمكانة الرفيعة. ومعرفتي بشخصه الكريم منذ زمن عندما كان يدرس في مدرسة النموذجية الأميرية بالطائف وتميز بنشاط هادف ومحترم، وقد التقيت بمعاليه في مناسبات طيبة مع اصحاب السمو الملكي الأمراء محمد الفيصل حفظه الله والأمير الراحل ثامر بن عبدالعزيز رحمه الله وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حفظه الله ـ وكلل آماله وجهوده بالتوفيق في طاعة الله وخدمة الدين والمليك والوطن.
ولقد سعدت حقا وأنا اقرأ قبسا من سيرة هذه الشخصية المحببة الى القلوب وذلك في مقالين حميمين لكاتبين حصيفين لهما نصيب وافر من الاسهام في التاريخ لسير الرجال وهما الاستاذ احمد محمد باديب والاستاذ عبدالله عمر خياط، فقد كتب الاستاذ باديب في مجلة جدة ما يعبر عن حبه وحب مجتمعنا لأجيال عديدة تجاه معالي السيد أحمد عبدالوهاب فهذه الشخصية الوطنية تحمل أطيب الخصال الإنسانية حيث أفاض الله تعالى عليه بكريم السجايا التي عرفناها في والده رحمه الله، والذي قال فيه الأديب العربي (المازني) في كتاب له قبل نصف قرن "إن السيد عبدالوهاب نائب الحرم قد تعلم اللغة التركية وأجادها وكذلك الفرنسية وهو أبرع محدث وأظرف رجل عرفناه في الحجاز، وهو رجل عطوف فيه رفق ورحمة ودماثة ومرؤة، وليس في الحجاز من لا يأنس بمجلسه ويشتهي حديثه، وهو على ظرفه وفكاهته كيِّس وقور ذو رأي، أنضجته السن والتجارب والفكر، وسددته المعرفة والاطلاع".
هذا ما تشهد به سيرة السيد عبدالوهاب رحمه الله، وما استقاه منه معاليه من أطيب السجايا والخصال وحظي كلاهما بمكانة وحب، وكل هذا الخير في أخلاقه ومواقفه يتجلى في مجلسه الذي يشهد صفوة الشخصيات ذات المكانة الرفيعة خلقا ودورا واسهاما في خدمة الدين والوطن. فمعالي السيد أحمد عبدالوهاب إنسان يحمل قلبا كبيرا ينبض حبا ومشاعر ناصعة مفعمة بالإخلاص والحكمة والحصافة والاحترام، ولطالما بذل من المواقف النبيلة خلال منصبه الرسمي ولايزال، وبذل الخير ولايزال تجاه الكثيرين على الصعيد الشخصي الانساني، وهذا ديدن مسعاه من أجل قضاء مصالح الناس وأمورهم وحوائجهم جزاه الله خيرا، وكما قدم نموذجا مضيئا لتحمل المسؤولية بكل أمانة وتقوى، فإن دماثته ومروءته خصبة ندية وهو ما يتسم به الكبار في مواقفهم ومكانتهم المبنية على مبادئ ناصعة، لا تغتر أمثالهم بمنصب ولا بوجاهة أو مال، وانما تواضع واريحية ووقار الكبار.
وهكذا دائما معالي السيد أحمد صاحب السيرة الحسنة فهو في مجلسه (رئيس مجلس اللوردات) مثلما قال عنه الأستاذ أحمد باديب، وفيه تسود المحبة والترحاب وحفاوة معهودة، أما احاديثه وشهاداته وخواطره فتصغي لها العقول قبل الآذان وكلماته دقيقة وذكرياته غنية وحميمة وذات قيمة تاريخية مهمة تلامس شغاف القلوب. لذلك اتفق مع اقتراح أستاذنا الخياط (أبو زهير) بتسجيل مرويات معالي السيد أحمد عبدالوهاب لتقدم للجيل الحاضر والأجيال القادمة صورا من تاريخ الوطن بزعاماته ورموزه وشخصياته وأحداثه ومسيرته المفعمة بالخير والتقاليد والقيم التي نتوق إليها اليوم في زحام العصر.
حكمة: المرء بالأخلاق يسمو ذكره.

 

المصدر :جريدة البلاد - الإثنين 30 رجب 1431هـ .